Topics

نبينا المكرم صلى الله عليه وسلم

إن حبيب رب العالمين ورحمة الله تعال للعالمين (فداءه أبي وأمي وروحي ومهجتي) كان نموذجا فائقا للجهد المستمر والسعي المتواصل والاهتمام والبلاغ والعمل المشفوع باليقين، فإذا التفت نحو العبادة ركز كل اهتماماته عليها، وإذا أراد عملا لم يتنفس الصعداء حتى ينجزه، وإذا  كلم أحدا التفت إليه جميعا وكان لا يختم كلامه حتى يختم مخاطبه كلامه.

وكانت الصلاة قد جعلت قرة عينه وسكينة قلبه، ولم يك من النساك المنعزلين عن تحديات الدنيا بل كان مهتما للغاية بأداء حقوق العباد، ولم يودع هذه الدنيا مع أنه تسنم الذروة العليا من الأحوال واللذات الروحانية، وكان مواظبا على أداء فرائضه الدينية والالتزام بالمستوى الأعلى من العبادات البدنية مع ارتباطه بكافة الشؤون والحاجات والأمور المتعلقة بالدنيا.

فمن ناحية كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقوم بحضانة وتربية أعضاء أسرته وخدمة المساكين والفقراء، ومن ناحية أخرى فإنه كان على اطلاع بمهام الأمة ويؤدي واجباته السياسية والرسمية فكان يوفد البعثات إلى الملوك والقبائل ويدعوهم إلى الإتيان تحت مظلة الإسلام، ولا شك في أن الخدمات الجبارة التي قدمها النبي صلى الله عليه وسلم في كل مرفق من مرافق حياته هي فصول ذهبية  وأسفار  تاريخ العالم.

عن أنس رضي الله عنه أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم:  لا أتزوج النساء وقال بعضهم:  لا آكل اللحم، وقال بعضهم:  لا أنام على فراش، وقال بعضهم:  أصوم ولا أفطر، فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال:  ما بال أقوام قالوا كذا وكذا أما أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.

هذا هو الطريق الوسط والصراط السوي الذي أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم بالوقوف عليه، وكان يهمه دوما ألا يحيد الناس عن ذلك الطريق فالنبي صلى الله عليه  وسلم كما كان معدوم المثل في انجاز الشؤون الدنيوية ولا يشق غباره في البسالة والشجاعة فكذلك كان نسيج وحده في طاعة الله تعالى وعبادته حتى أنزل الله عليه: 

(( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ،قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ،نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ،أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ،إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ،إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا )) (آية 1-6 سورة المزمل).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصيام إلى الله صيام داود وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما.

إن الإرشادات الحكيمة التي أصدرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بشأن ملازمة التوسط والاعتدال تشربت بها مهجهم فعرفوا ما استهدفه النبي صلى الله عليه وسلم منهم فما حادوا عن هذه المبادئ ولو قيد شعرة.

يروى أن يوما ما زار سلمان الفارسي رضي الله عنه بيت أبي الدرداء رضي الله عنه وكانا ممن آخى بينهما النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فرأى أم الدرداء متبذلة، قال: ما شأنك متبذلة؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، قالت: فلما جاء أبو الدرداء قرب طعاما فقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان:نم، فنام ثم ذهب ليقوم، قال له: نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان: قم الآن، فقاما فصليا، فقال: إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولضيفك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال: صدق سلمان.

Topics


تجلیات

خواجۃ شمس الدين عظيمي

((( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ، وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ )))