Topics

المتعنتون

حسب بعض الروايات فان تفكر ساعة في العالم أفضل من عبادة سنة، فالذين تفكروا في عناصر الكون و تدبروا خلق إفراده فقد فازوا بالمرام، والذين انقطعوا من خط التفكر في الكون أضحوا في عداد القوم الأموات البائدين.

ويمكن تقدير أهمية التفكر في خلق الكون من أسلوب القرآن الذي يلفت انتباه الناس بصفة خاصة إلى التفكر و التدبر،وأن كل ما خلقه الله تعالى في السموات و الأرض ما خلقه باطلا،بل كل ذرة من الكون تمثل حكمة أو مصلحة خاصة .

فالقرآن يطالب النوع البشري الواعي في ستة وعشرون وسبعمائة موضع بدراسة الأكوان، ومأساتنا أنا وضعنا نصب أعيننا مسائل التوحيد والصلاة والصيام والزكاة والحج وغيره لاغير ولم نعرج على الأمور الأخرى الموجودة في الكتاب المبين ولم نعلق أهمية بما بينه الرسول علية الصلاة والسلام من أن تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة .

ولقد قال الله تعالى في البقرة آية164 : (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ))

وقال في سورة آل عمران آية 190-191 : (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ،الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))

وقال في سورة الروم آية 22: (( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ))

وقال في سورة يوسف آية 105 في معرض الزجر و التوبيخ: (( وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ))

ووجه تهديدا صارخا في سورة سبأ آية 9 نحو هؤلاء المغفلين: (( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ))

وهذا التهديد قد جاء في صورة أبلغ في الأعراف آية 185: (( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ  ))

ولا نزال نصل ليلنا بنهارنا في دق الطبول بأننا مسلمون وإنا نحن الوارثون للنعيم، وأننا مهبط رحمة الله تعالى وبركاته، وأن خزائننا مملوءة أجرا ومثوبة، والواقع أننا محرومون بكل ما تحويه الكلمة من معنى، فنحن ندعي أننا مؤمنون بالقرآن ولكنه لا يتطرق إلى أذهاننا البليدة فكرة عما هو مسار الإيمان في ضوء القرآن ؟

فالقرآن ينادي بوجود البصائر والحقائق في السماوات والأرض نظرا إلى أن المؤمنين أصحاب نظرة عميقة في حقائق الأرض والسماء وفي معادلات الأرض والسماء الموجودة في الأكوان، والمشاهدة الدقيقة للسماء التي تزيح الستار عن أنظمة دروب التبانة .

فالقرآن ينادي مرة إثر مرة بأن هذه الآيات للمؤمنين، والمعنى إن هذه الآيات إنما هي مصروفة إلى الجميع ولكن التفكر فيها وتدبرها إنما هو حظ المؤمنين وحدهم، وأما الذين يلفهم الجهل والطغيان والتعنت والجحود، والذين هم كالأنعام بل ممن ليلغون سمعهم إلى نصيحة أو كلمة حسنة فإن هذه الآيات سواء عليهم وجودها وعدمها .

فهل بوسع رجل مكفوف أن يتمتع بمشاهدة الأزهار الجميلة والمناظر الخلابة في روضة من الروضات ؟ وكذلك هل يستطيع فاقد البصيرة والإيمان أن يدرك المناظر الطبيعية ؟

لا: كلا: فالقرآن يقول عن أمثال هؤلاء :

(( وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ )) (آية14 سورة الحجرات )

Topics


تجلیات

خواجۃ شمس الدين عظيمي

((( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ، وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ )))