Topics

الدنيا والآخرة

لقد ذكر الله تعالى في كتابه العظيم في معرض بيان السمات البارزة لعباده المقربين بأن جنوبهم تتجافى عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون،  ولقد خاطب الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بمثل ذلك فقال:

((يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ،قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ،نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ،أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ،إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ))(آية 1-5 سورة المزمل)

وكشف الله تعالى أهمية قيام الليل بما نصه:

((إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ))(آية 6 سورة المزمل)

ففي ضوء هذه الإرشادات الكريمة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستريح في باكورة الليل ويعكف على العبادة في أخرياته، فهذه أفضل مواعيد النوم والعبادة، وإن اليقظة الممتدة في هزيع من الليل واستدراكها بالنوم في غير أوانه إنما يرهقان الأعصاب ، وأما القانون الطبيعي فهو يفرض عليك بكل حكمة وتبصر ترك نفسك للنوم في الجزء الأول من الليل، وتخصيص الجزء الأخير منه للعبادة، وتعيين أوقات النهار للمعاش والمشاغل الأخرى فقد قال الله تعالى:

((وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ))(آيات من 9-11 سورة النبأ).

ويجب عليك ممارسة الاقتصاد في النوم واليقظة فلا تكثر من النوم حتى يساورك الكسل في الجسم والفتور في الدماغ، ولا تقل منه حتى لا يؤدي إلى التعب العصبي، ويروى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بلغني أنك تصوم النهار وتقوم الليل فلا تفعل، فإن لجسدك عليك حقا ولعينك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ) وفي رواية بعد هذا :( فصم وأفطر وصل ونم ).

 ولقد قال الله تعالى: ((أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  ))(آية 86 سورة النمل).

وكان من عادته عليه الصلاة والسلام قبل الذهاب إلى الفراش أنه كان يتوضأ ويتلو حزبا من أحزابه ويدعو بما يلي قبل أن يضطجع وكأنه يأمر به الناس:

" باسمك اللهم وضعت جنبي وباسمك أرفعه،  اللهم إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".

وكان يدعو في بعض الأحيان بهذا الدعاء إذا أوى إلى فراشه:  " الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا وكم ممن لا كافي له ولا مؤوى".

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يستعمل فراشا لينا مريحا، ولكن إضجاعه على أدم محشو ليفا، وبعض روايات السيدة حفصة رضي الله عنها تدل على أن فراشه كان ثوبا خشنا مثنيا، وكان يضطجع على الحصير أيضا، ولم يستعمل لإضجاعه أو راحته شيئا قيما لينا، فقد روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه وأقول : يا رسول الله : ألا آذنتنا نبسط لك على هذا الحصير شيئا يقيك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما لي و للدنيا وما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ).

وفي رواية سيدنا عمر رضي الله عنه: قال : (يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل كل شيء يلزمه تحت وسادته، وكان يأمر بتفقد البيت وأدواته قبل النوم، وبتخمير الأواني وإخماد النار إن كانت موقدة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه رفع يديه كهيئتهما في الدعاء وتلا سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس ونفخ في يديه ومسح بهما جسمه الأطهر ثلاث مرات حيثما وصلتا، ثم وضع يده اليمنى تحت خده واضطجع على شقه الأيمن، وكان ينفض فراشه قبل النوم، وفي الساعات الأخيرة من الليل كان يقوم الليل، وفي بعض الأحيان أحيى الليل كله بالعبادة.

Topics


تجلیات

خواجۃ شمس الدين عظيمي

((( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ، وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ ، وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ )))