Topics

شعب أبي طالب

كان أبو طالب على علم بجميع تحركات قريش ضد النبي عليه الصلاة والسلام وهو الذي كان يتعرض بصفة مستمرة لضغوط مكثفة من قبل قريش كي يتخلى عن حماية النبي صلى الله عليه وسلم ويتركه وشأنه ورغم ذلك كان يحب النبي عليه السلام حبا جما فخاف على حياته عليه الصلاة والسلام كثيرا وكان قد كلف سابقاً أسرة بني هاشم وبني عبدالمطلب من جده الأعلى عبد مناف بالحفاظ على حماية محمد عليه الصلاة والسلام من كل مكروه.

ولكنه وبناء على تفاقم شر قريش جمع كافة الأسر والأقارب من بني هاشم وبني مطلب وعرض عليهم حماية محمد عليه السلام كونه أحد أفراد قبيلتهم فأجابوه إلى ذلك مسلمهم وكافرهم حميّة للجوار العربي، إلا ما كان من أخيه أبي لهب فإنه فارقهم، وكان مع قريش[1].

وتألمت قريش من إسلام حمزة رضي الله عنه وازداد ألمها بسبب إسلام عمر رضي الله عنه. واشتعلت نار ثأرها بسبب عودة عمرو بن العاص وعبدالله بن ربيعة خائبين خاسرين من بلاد الحبشة فعندما تحالف بنو هاشم وبنو المطلب على حماية محمد عليه الصلاة والسلام نفد صبرها، فاجتمعت قريش بزعمائها وتعهد جميع الحاضرين على مقاطعة جميع أسر بني هاشم وبني المطلب وقرروا أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يجالسوهم ولا يخالطوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتى يتم تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم للقتل.

وقام جميع زعماء قريش بالتوقيع على تلك الورقة وعلقوها في جوف الكعبة. وأخرج محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجميع أفراد بني هاشم وبني المطلب من مكة وآووا في شعب ([2]) أبي طالب. وكان من بينهم من آمنوا وأيضا من لم يؤمنوا وعلى رأسهم أبو طالب الذي لم يقبل أن يتخلى عن ابن أخيه عليه الصلاة والسلام والذود عنه.

كانت قريش عشر قبائل وكل قبيلة كانت تسكن في المناطق المجاورة. وبمرور الزمن امتلكت كل قبيلة مكان مسكنها ويسمى شعب، وكان العرب إذا طلب منهم أجنبي الحماية سكّنوه في ذلك الشعب.

وطوال فترة الحصار منعت قريش الآخرين من بيع أي شيء وشرائه من المسلمين المحاصرين فلم يدخل عليهم طعام ولا ميرة ولا مادة واضطروا أن يأكلوا أوراق الأشجار وجلود الأنعام وفي بعض الأحيان تمكن المسلمون من شراء بعض المواد الغذائية من العير والقوافل التي كانت تحضر إلى مكة من الخارج. وفي هذه الحالة أيضاً كان أهل مكة يزيدون قيمة في قيمة السلعة حتى يصعب على المسلمين شرائها.

وخلال هذه الفترة حاول بعض أقارب المسلمين أن يزودوهم ببعض المواد الغذائية فعارضته قريش أشد المعارضة ومنعته من ذلك وحدث أن حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسـول الله صلى الله عليه وسلم ومعه في الشعب. وبينما هو في طريقه إلى شعب أبي طالب لقيـه أبو جهل بن هشام فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد فقال مالك وله ؟ فقال يحمل الطعام إلى بني هاشم فقال له أبو البختري طعام كان لعمته عنده بعثت إليه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها خلّ سبيل الرجل فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه فأخذ له أبو البختري لحي بعير فضربه به فشجه.

عاش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأقاربه في شعب أبي طالب حياة ضيق وعناء ولم يكن لديهم آنذاك حتى الأدوات المنزلية وخديجة رضي الله عنها التي كانت أكثر نساء مكة مالا لم يبق لديها سوى قدر و كأس مصنوع من الطين وفي أحد الأيام سقط الكأس وانكسر وزاد الطين بلة حيث مرضت زوجة النبي هذه المباركة، صلى الله عليه وسلم.

بعد مرور ثلاث سنوات أبلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأقرباؤه فيها بلاء حسنا وجاء الفرج من عند الله وتم إلغاء هذا الميثاق الظالم وفك الميثاق وإبطاله حيث اتفق هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي والمطعم بن عدي وأبو البختري بن هشام وزمعة بن بن الأسود بن المطلب بن أسد وزهير بن أبي أمية المخزومي على إلغاء هذا الميثاق والإفراج عن بني هاشم وبني المطلب والمسلمين أجمعين من هذا الحصار الغاشم. وحاول أبو جهل كعادته الشرسة أن يمنعهم من ذلك وبينما هم في ذلك حضر إليهم أبو طالب وأخبرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبلغه بأن الميثاق أكلته الأرضة وما بقي منه سوى “باسمك اللهم” وقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا “باسمك اللهم”[3].

ذهب بعض  المؤرخين وأصحاب السير على أن حصار بني هاشم وبني المطلب كان له تأثير كبير في مرض أبي طالب وخديجة حيث مرض أبو طالب أولا واشتد مرضه وعنده أبو جهل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “أي عم قل لا اله إلا الله، كلمة أحاجّ لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يلقنانه حتى قال آخر شيء على ملة عبد المطلب ومات.

وبعد وفاة أبي طالب بشهرين أو ثلاثة، توفيت أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنها آمنت بي حين كفر بي الناس وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها.

وسمي ذلك العام “عام الحزن”وهو فعلا عام الحزن لجميع المسلمين في جميع العصور والدهور.

وحدث أنّ أبا لهب بعد وفاة أبي طالب جمع بني هاشم ورجالهم في مجلس ودعا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم التفت أبو لهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال انني أريد أن اسألك عن جدك عبد المطلب أمام هؤلاء كلهم ماذا يكون مصيره أهو في الجنة أم في النار فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ‌ إِبْرَ‌اهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّ‌أَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَ‌اهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [4] .فقال أبو لهب. وماذا عن أخي أبي طالب هل غفر له أم ماذا ؟ وصارحه النبي عليه السلام أنه مات على دين آبائه فأمره إلى الله ثم ذكــر أبو لهب عدداً من أجداد النبي عليه السلام يسأل النبي عليه السلام عن مصيرهم وكان رده عليه الصلاة والسلام واضحاً وقطعياً وأنه لن يجد لسنة الله تبديلا.واستشاط أبو لهب حقداً وعداوةً وقـال: أفلا يجوز لي أن أطرد محمدا من بني هاشم ؟ قال الحاضرون: نعم، فقال عدو الله فإنني من اليوم أعلن أنني قد أخرجت محمدا من قبيلتنا وأنـــه لا علاقة له معنا من اليوم.وكان العرب إذا فعلوا ذلك مع شخص، يصبح هدرا في ماله وعرضه وحتى في دمه فكان يعيش كمنبوذ في المجتمع الذي لا شرف له ولا عز والعياذ بالله.



[1]           ابن هشام ١/٢٦٩

 

[3]               انظر ابن هشام ١/٣٥٠ وما بعدها

وانظر زاد المعاد ٢/٤٦
وانظر صحيح البخاري باب نزول النبي بمكة ١/٢١٦

[4] سورة التوبة:الآية 114


محمد رسول الله الجزء الأول

خواجۃ شمس الدين عظيمي

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ

 

﴿وَالْعَصْرِ‌ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ‌ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ‌*﴾[1]

 

إن كل إنسان بعد ولادته يرتبط بثلاثة أنظمة : النظام الأول هو حيث رأى خالقه الحقيقي وعاهده على أن يتم مشيئته ، النظام الثاني هو ما يسمى بعالم الناسوت-دار العمل أو دار الامتحان  ، والنظام الثالث حيث يتم إخبار الإنسان بنجاحه أو فشله.

يتوقف نجاح الإنسان في أن يدرك أنه قد أقرّ لله سبحانه وتعالى بأنه خالقه وربه. ويرى علماء الباطن أن الانسان مركب من سبعين ألف طبقة.

 وفقاً للقانون الإلهي فإن الإنسان حين يأتي لعالم الناسوت تغلب عليه طبقة واحدة تحوي العناد والبغي واللا أمان ، الجحود ، وكفران النعمة ،اللا شكر والعجالة ،الشك ، عدم اليقين ،هجوم الوساوس. هذه هي الحياة الأرضية التي سماها القرآن الكريم بـأسفل سافلين[2].

     تنص تعليمات الأنبياء الكرام  على أن الكون  كله يعمل فيه طرازان

 اثنان طراز  يحبه الله وآخر يبغضه سبحانه. أما الطراز الذي يبعد العبد عن ربه فيسمى بالشيطنة وأما الطراز المفضل الذي يقرب العبد إلى ربه فيسمى الرحمة.

إن الذي يبدأ في السير على طريق الروحانيات يترسخ في ذهنه أن شخصية الإنسان تنبني وفقاً لطراز تفكيره. فاذا كان طراز فكره[3] معقداً متشابكاً كانت شخصية المرء ملتوية معقدة. وإذا كان طراز فكره سديداً مستقيماً  وفقاً للقانون الالهي  كانت حياته بسيطة مليئة بالصدق والأمانة. أما إذا كان الشخص سطحي الفكر فحينها يفكر بطريقة سطحية ، في حين يتفكر صاحب الفكر العميق في كل شيء حتى يتوصل إلى كنهه و حقيقته.

في داخل كل فرد يوجد طراز فكر حب الحقيقة لكن لا يستعمل هذا الطراز الكل. فالمرء بالرغم من مشاهدته وفهمه للأمور الغير حقيقة إلا أنه يعتبرها حقيقية.

حينما يخطو السالك قدماَ على درب السلوك يتبدل طراز فكره الغير حقيقي الذي تلقاه من والديه والمجتمع. فكيفما كانت البيئة المحيطة بالشخص ترتسم نقوشها على ذهنه ، وبقدر ما تكون تلك المؤثرات عميقة بقدر ما يتشكل طراز فكر حياة ذلك الشخص. فإذا كان المحيط يحوي ويتكون من شخصيات ذات فكر معقد، فاقدة لليقين ، ملحدة الإعتقاد ، تظهر التخريب والأعمال السيئة في سلوكها، فإن الذي يعايشهم تكون حياته أيضاً ملوثة بتلك التأثيرات الفاسدة. وإذا كان مجتمعاً يسوده الصدق والقيم الأخلاقية الفاضلة كان الفرد صاف نقي النفس مدركاً للحقائق.

 لا يخفى على أحد أن الطفل لا يحتاج إلى تعلم الأبجدية ليتحدث لغته الأم. كذلك تنتقل صفات مجتمع الشك واللايقين إلى أذهان الأطفال تلقائياً  ، وبنفس الطريقة المجتمع الصالح وقرب المعلم الروحاني اللذان ينقلان للسالك طراز اليقين.

جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كان طراز فكرهم كلهم أن نرتبط بالذات الماورائية ونقيم الصلة معها، هذا هو طراز فكر الروحاني وهذه العلاقة هي حبل وريد الكون.

 طراز الفكر الروحاني هو عمل مستمر يجري في عروق السالك مجرى الدم،  والعائق الأكبر لهذا العمل هي العادات والتقاليد القديمة التي ترمي للمادية. فالبيئة التي يشب فيها الإنسان تصبح عادات وتقاليد العائلة والقبيلة ، ويكون أمناء هذه العادات هم الوالدين ، الأخوة والأخوات، أفراد القبيلة والأقرباء جميعاً.

في المجتمع الإنساني يصنف الناس إلى  فئتين:

١) الذين يعيشون التقاليد الموروثة ويتمسكون بها ولا يبالون لما يجري في العالم ولماذا يحدث؟ فيكفيهم أن ما يقومون به ويعتقدونه هو نفس ما قام به وآمن به آباءهم وأجدادهم.

٢) الفئة الثانية من الناس تفكر في سبب ما يحدث وما هو الصواب وما هو الخطأ ؟

 كان مشركو مكة يعلمون بأن أناساً مثلهم قد نحتوا الصخور ليصنعوا أصنامهم الـ(360) ، وأنها لا تتحدث ولا تسمع كالبشر.......... لكن غلبة سيطرة العادات والتقاليد العائلية عليهم جعلتهم يتخذون تماثيلاً من قطع الحجارة الجامدة بمثابة آلهة لهم. ولم يكونوا يعبدونها فحسب بل لم يكن بوسع أحد أن يبين حقيقة هذا الأمر أو يبدي استنكاره نحو عبادة تلك الأصنام ، حيث كانوا يلحقون به أشد العقاب ويتباهون بصنوف العذاب المشينة .فالمحيط المغمور بتقاليد القرون السالفة وغبار الجهل جفف ينبوع الفهم من داخلهم.

ولنضع أمامانا أطفالنا كمثال : حينما نفصل الأطفال عن بيئة الجهل وندخلهم البيئة العلمية .....فنحن في الواقع نعلن بذلك ثورتنا على الجهل ونلحق الطفل بالمدرسة(أي البيئة المتحررة من الجهل).

 وليتم الطالب الصف الأول ثانوي يحتاج إلى عشر سنوات دراسية. وباحتساب عدد الساعات التي يقضيها الطالب في الدراسة نجد أنها 3500 ساعة في السنة الواحدة ، وهي المدة التي يحتاجها طفل ليتعلم العد إلى الـ (100).

بإنهاء الصف الأول الثانوي يكون الطالب قد صرف  35 ألف ساعة وآلافاً من الدنانير. بذلت الأم  قصاري جهدها في هذه الفترة ليركز ولدها في الدراسة ، وأولى الأب الاهتمام بألا يحدث تقصير في تعليم ابنه ، بالإضافة إلى تنبيهات ونصائح الأخت له ومساعدة الأخ أخاه في دراسته. بعد هذا التوجه والرعاية الفائقة من الجميع يتم الولد المرحلة الثانوية.

ولم تبدأ الدراسات العليا بعد، فبعد الثانوية تتفتح الطرق لأي مجال على المرء أن يسلك قدماً ليصبح هذا الولد طبيباً أو مهندساً أو محاسباً أو طياراً أو صانع آلة وغيره....

 بعد مرور 10سنوات لا يغدو المرء عالماً إنما فقط استعد ذهنياً لدراسة وتحصيل العلوم المادية المرموقة.... هذا هو الحال بالنسبة إلى العلوم الدنيوية.

أما في الجانب الآخر تكون العلوم الروحانية :حيث يخصص المرء بصعوبة ساعة واحدة فقط أسبوعياً وبهذه الطريقة يكون قد صرف أربع ساعات شهرياً و٤٨ ساعة سنوياً إلى جانب قضائه أشغاله المادية من ذهاب للعمل والانهماك فيه ، الزواج ، وغيرها من الأمور.كما ويظل متصلاً ذهنياً بالعادات والتقاليد القديمة وبالبيئة المحيطة به.

بعد قضاء 48 ساعة فقط في السنة الواحدة كيف للمرء أن يفكر في أنه لم يحصل على شيء أو يتمتع بلذة الكشف أو يطلع على ما فوق الفطرة ؟!!وهو ما يعني أن أهمية الروحانية قللت لتصبح أقل منها للصفوف الابتدائية للعلوم الدنيوية.

 فالطالب بعد قضائه ٣٥٠٠ ساعة سنوياً لمدة عشر سنين يصبح مؤهلاً فقط لاختيار مجال تخصصه في الدراسات العليا فكيف له أن يسوغ لنفسه تمني بلوغ  الروحانية بقضاء ٤٨ساعة فحسب؟

إن طراز فكر المعلم الروحاني فريد من نوعه مختلف عن طراز الفكر السائد في المحيط المادي المحض. فهو يمتاز بالتوكل والاستغناء وعدم طلب الدنيا ، ويكون التوحيد مركزاً له.

من الضروري لطالبات وطلاب دراسة العلم الروحاني أن يملؤوا باطنهم بالهمة والعزيمة لتفادي الأفكار السلبية الشيطانية والتقاليد الغير إسلامية..... وأن يسيروا قدماً على الصراط المستقيم بمزاج ثابت مقتفين نقوش خطى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ويهزموا الطاقات الطاغوتية وجل طغيان النفس في سبيل الظفر بالعرفان الإلهي.

إن الصفحات القادمة من هذا الكتاب تجمع بين طياتها جوانباً من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بينا فيها طراز الفكر الإيجابي الذي أراد الرسول صلى الله عليه وسلم نشره ، والعقبات والعراقيل التي وضعها ممثلو الشر في وجه كل خطوة من خطواته.

 في طريق التوحيد لإبعاد هذه العوائق عاش الرسول صلى الله عليه وسلم حياته في معاناة ، وتحمل الأذى الجسدي والذهني. لكن في النهاية نجح الرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ رسالة الله سبحانه وتعالى إلى  عباده ورضي الله عنه وأرضاه.

لابد لأفراد السلسلة العظيمية  المعينون لتسيير المهمة الروحانية من مطالعة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الطيبة وقراءتها مراراً وتكراراً ، والتفكر فيما عاناه وتحمله الرسول صلى الله عليه وسلم من أذى لأجل إشاعة المهمة ونشر الوحدانية وإدخال الكفار في حلقة ونطاق التوحيد.

بجعل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نبض قلوبنا فإن مدد ودعم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم  سيكون معنا في كل خطوة نخطوها في طريق نشر تعليمات السلسلة العظيمية وإشاعة العلوم الروحانية وإيصالها للنوع الإنساني...وبلا شك  سنفلح في الدنيا ونسعد في الآخرة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فنتمكن من اتخاذ خطوات جريئة ومواجهة الظروف القاهرة  المحطمة للقلب والإعراض عن افتراءات الناس واتهاماتهم.

قبل وفاة حضرة قلندر بابا أولياء(رحمه الله) خاطبني قائلاً:

السيد/خواجة..

ناشرو المهمة يتصفون بالجنون..

هل فهمت ما قلت؟

فرددت عليه: سيدي!وفقاً لما تريد واضعاً تعليماتك نصب عيني سأعمل للسلسلة كالمجانين.

فرح قلندر بابا أولياء (رحمه الله) لدى سماعه ما قلت ووضع يده فوق رأسي ثم راح يرسم دوائراً  بأنامله على جبهتي  وبعدها نفخ عليّ وقال: ليحمك الله وينصرك.

في طريق تقدم  المهمة  مالم ينج الإنسان من شتى أنواع المصالح الدنيوية  من  الجشع والتوقع ، الحسد ، الطمع، الكبر والتغطرس، الإحساس بالعظمة أو النقص،  الغرور ، لن يتولد فيه جنون المهمة.

إن هذا الكتيب المختصر يلقي الضوء بإيجاز على قسم من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بذل فيه جهوداً جبارة  في تبليغ الدين لمدة  ثلاث وعشرون سنة. وأن حياته من ولادته الشريفة إلى بلوغه الأربعين من عمره تعد مشعلاً في طريق السالكين.

إننا كنساء ورجال السلسلة العظيمية الذين تقع على أكتافنا مسؤولية تعميم تعليماتها بلا شك محظوظون وسعداء بهذا الشرف.

 

ولحفظ هذه السعادة والشرف وتأدية شكرها يجب علينا  أن نطالع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم التاريخية مراراً وتكراراً . هذا العمل سيمدنا ويولد بداخلنا اليقين والقوة والعزيمة التي ستدفعنا للسير

خواجة شمس الدين عظيمي

مركز المراقبة الرئيسي ، سرجاني تاون كراتشي

١٢ ربيع الأول ١٤١٧ هجرية   /الموافق ٢٩ يوليو ١٩٩٦ ميلادية

قدماً.



[1]   سورة العصر : الآيات 1-3

[2]  سورة التين : الآية 5

[3]  طراز الفكر: نمط التفكير