Topics

الديانة

لا يتم ذكر الكون و أنواعه و أفراده الموجودة فيه إلا أن نمر بثلاثة مراحل. و هذه هي المراحل الثلاث التي يتأسس عليها الكون و جميع أحواله و كوائفه.  و يجب أن يستقر في  ذهننا  أن الإنسان إذا يحب أن يقضي حياته الفردية تكون فكرته محدودة ولايكون فيه الإخلاص.  و معنى وجود الإخلاص في أحد أن يخرج من حدود الفكر الفردي و يختار الفكر النوعي. و إذا يفعل كذلك تنبع فيه عيون الإخلاص و فراسته تصبح فراسة اجتماعية و إذا يخرج من نوعه و يتفكر في جميع أنواع الكون فيحيط فكره العالم كله و تقوى علاقته بالكون و ما يحيطه الكون و نهائيا يحصل له ما يمتاز به في الكون من جميع أنواعه و أفراده.                                                                                                                    

نسمي الجسم الإنساني بالجسم المادي. ويظن الناس أنه قد خلقه اللاشعور و كذلك يعتقد الناس أن الغذاء الذي يُوَفَّر للإنسان يسبب إلى توليد اللحم والدم ولكن يطرح السؤال على ذلك أن هذا الجسم يفنى أو يضعف في وقت خاص و في بعض الأحيان أن الجسم لا يفنى ولو كان ضعيفا للغاية. لذلك إنه ليس من الصحيح أن الغذاء الذي يوفر للإنسان يسبب إلى توليد اللحم و الدم و تنمية الجسم الإنساني. ولكن الأصل أن النور يتغير إلى شكل المادة. و العالم الروحاني العظيم السيد قلندر بابا أوليا يجعل لنا مثالا أن الجسم يعاني من أمراض مختلفة في الحياة مرة  أو مرات ولا يوفر له الغذاء أو يقل حينئذ لا تبقى فيه القوة فيصبح ضعيفا ولكن رغم ذلك لايفنى الجسم، يعنى أن الغذاء الخارجي لا يضمن حياة الجسم الإنساني و إنما ذلك لأجل كل الذات الذي قد نقل النور إليه. و المثال الآخر أن الإنسان يولد مثلا و ينشأ و يترعرع حتى يكبر ثم يضعف و يكون شيخا ولكن لو كان اسمه زيدا منذ صباه و كان يعرف باسمه لايتغير ذلك ولا يدعوه الناس باسم آخر و لايتصورون شيأ آخر تجاهه. و قد ثبت أن التصور الذي ينتقل من كل الذات إلى الشعور الإنساني لايتغير و لا يفنى أبدا ولو يتغير الجسم بكامله.

ما هو زيد؟ في الحقيقة إذا نذكر الخط الأساسي لزيد فنقول إنه كل الذات ولا يقع أي تغير و تبدل في كل الذات و إنما التغير يقع في الذات الواحدة.

قال الله تعالى في القرآن الكريم في سور الطلاق:

وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿سور الطلاق: ١٢

ولا يحصل علم الكون للذات الواحدة. و ينشأ السؤال أن زيدا كل الذات فلماذا لا تحصل له علوم الكون. والجواب أن زيدا يستغرق في نفسه ولا يريد أن يخرج من ذاته وليس له علاقة أكيدة بكل الذات و القانون أن من يضيق فكره أو لا يخرج من حدود نفسه أو ما يتعلق به من البيئة فقط فلا يمكن له أن يجاوز نفسه و يرى جميع العالمين. فإن رجلا لو يتعلق بأسرته و لايتفكر عن أحد غيرأسرته فلا ينشأ في قلبه وعي و شعور عن الآخرين و يكون فكره و عقله محدودا للغاية وذلك لأن العين لا تستطيع رؤية خارج ما فكرها  و كذلك أن الآذان لا يمكن لها أن تسمع خارج ما تشعر بها.

والإنسان الذي يقل فهمه أو يكون محددا لا يمكن له أن يضع قدميه على طرق العالم الماورائي. ولا بد أن يكون فيه الفكر الاجتماعي. ولا بد أن يكون للإنسان ديانة.لأنها تعلمه الأخلاق والحب و الوحدة و الصدق و الصفا والإخلاص. فما دام الإنسان متعلقا بالأقدار الدينية و لاتنشأ فيه الأخلاق حتى يخرج من الفكر الفردي و يدخل في الفكري الاجتماعي. فإن الأقوام التي لم تتبدل أفكارهم و لم تخرج من محيط الفرد قد بقيت كطفلة على وجه الأرض ولو حصلت لها أعمار لآلاف سنة.

والنور الذي تراه أعيننا حجاب بين الذات الواحدة و كل الذات. و من خلاله تنتقل تصورات كل الذات إلى الذات الواحدة. و في تعبير آخر أن المعلومات التي ترسلها كل الذات ينقلها هذا النور إلى النور و اللون و الأبعاد ثم يوصلها إلى الذات الواحدة. و مثاله ما نشاهد على شاشة التلفزيون من المناظر المختلفة و الأصوات المترنمة وكل ما يُذَاع من محطة الإذاعة و عندما تتوقف الإذاعة فلا نشاهد الصور و لانسمع الأصوات.

و هذه هي حالة المعلومات التي تأتي من كل الذات. و الجيل البشري يحصل له الاطلاع دائما عن طريق النور و النور الذي ترى أعيننا أو تسمع آذاننا هو الحجاب بين الذات الواحدة و كل الذات.


نظرية اللون والنور

خواجۃ شمس الدين عظيمي

إن الزمان والمكان قسمة متعددة للمحة واحدة و قسمة اللمحة هي الإطلاع الذي يرد على الدماغ الإنساني و خياله في كل حين و آن. و بما أن مصدر هذه الإطلاعات هي العلوم الروحانية فيجب على من كان لهم يد طولى فيها أن يتفكروا في علوم القرآن وإلا فلا يمكن الحصول عليها و سوف تبقى المساعي المبذولة عليها بلاجدوى.