Topics

المسافر يمتلك الشعور و الطريق يفقده

إن جميع الخلق محفوظ في إرادة الله تعالى الآن كما كان ذلك محفوظا قبل وجوده. والمكان الذي يحفظ فيه يقال له "اللوح المحفوظ". فكل ما يقع في العالم هو عكس ما يكون محفوظا في اللوح ا لمحفوظ. ولذلك نرى و نعتقد أن أشكال جميع الكون من الإنسان و الحيونات كالغنم و البقر والشاة لم تتغير منذ بداية خلقها إلى يومنا هذا و سوف لا تتغير إلى الأبد أيضا. ولم نرى قط أن الشاة مثلا تغيرت إلى شكل الأسد أو الأسد تغير إلى شكل الشاة. و ذلك لأن الأنواع الكونية التي نراها في العالم هي عكس نفس الأنواع التي محفوظة في اللوح المحفوظ.

المثال:

نصنع فيلما مثلا و ننسخ آلافا منه مع أن الأشكال و الحركات التي تكون في الأصل تبقى قائمة على حالها و لا تتغير الأشكال فإن كان الأنف مثلا طويلا في أصل الفيلم يكون كذلك في الآلاف المنسوخة أيضا و المناظر التي توجد في الأصل تبقى على حالها في الفيلم المنسوخ. .

القانون:

من المعلوم أن هيولا و شكلا ظاهريا  لكل شيء يكون وسيلة لمعرفعته و لا بد أن يكون له اسم كالشمس و القمر من الأجرام السماوية و النبات و الجماد من الخلائق الأرضية و حشرات الأرض من خلائق داخل الأرض.

إن اسم شيء هو وجوده الحسي و شكله المحسوس فعندما نقول مثلا القمر فيتشكل القمر في ذهننا و كذلك إذا نسمي إنسانا زيدا و نذكره ففي الحقيقة نذكر شكله الحسي الذي نرى و نشعر به من أعضائه و جوارحه ولكن إذا نريد أن نفهم الأمر و نتفكر فيه ينكشف علنيا وصفه الحقيقي كما إننا إذا نتلفظ القلم فلا نريد به القلم و اسمه و إنما نريد وصفه الذي يقوم به من نقل المراد إلى الورق فاسم شيء أو شكله هو جسمه المفروض والوصف الذي يتعلق به هو حقيقته و كذلك أن كل فرد من أفراد الأنواع من جميع أنواع الكون له اسم.

و لفهم  أفراد الأنواع لو نسمي كل فرد ذرة مثلا فتكون الذرة حركة. وللحركة جهتان فالجهة الواحدة ملونة و منورة وهي شكل والجهة الثانية ليس فيها اللون والنور و هي الحياة و الحقيقة. فعلم من هنا أن كل شيء طبعا له جهتان: جهة للزمان و أخرى للمكان. والمكان هو ظاهر الشيء و شكله  والزمان هو حقيقته  و حياته.

و جهة الحركة التي هي الزمان لاتتغير والأخرى التي هي المكان تتغير دائما. و الجهة التي لا تتغير تتعلق بالخالق و التي تتغير تتعلق بالمخلوق.

إن سورة الإخلاص في الجزء الثلاثين من القرآن الكريم تفسر لنا الأقدار التخليقية. و ما يشرح من بيانات فكرة النور واللون أن أقدار الخلق دائما تتغير و تفنى و لكن أقدار الخالق لا تتغير و لا تتبدل.

المثال:

المسافر يبقى مسافرا مادام يجري سفره فإنه يتبدل و يتغير ولكن طريقه الذي يسافر من خلاله لا يتغير و لا يفنى. و لذلك فكرة اللون والنور ترشدنا إلى أن الطريق في حياة الإنسان يمتلك الشعور و المسافر يفقده. و حيثما يكثر الاستغراق في الشعور يبعد الإنسان من اللاشعور و لكن إذا يتنحى الفكر الإنساني من أقدار  الشعور  يدخل في عالم  اللاشعور لأن الشعور في هذه الحالة يكون مغلوبا واللاشعور يكون غالبا.

ولما نُشِرَتْ مقالتنا في المجلة الروحانية كراتشي (باكستان) و المجلة الروحانية العالمية (البريطانيا) على مواضيع فكرة اللون والنور كتب إلينا السيد طاهر جليل (غوجر نواله):

"إنك قد كتبت في إطار فكرة اللون والنور أن جسما مثاليا للنور يصحب الروح و حركته تسبب إلى حركة الجسم المادي للإنسان و الحيوان. و العلم الطبيعي الحالي(kirlian Photography)  أيضا يثبت أن ظلا للأنوار  يحيط أجسام الإنسان والحيوان. و نلتمس منكم أن تلقي الضوء على عمليات التخليق مع التشريحات الروحانية  بأنه كيف يتكون النور من ذات الله تعالى ثم يصبح النور روحا و كيف يتكون الروح جسما مثاليا و كيف تأتي الأشياء إلى حيز الوجو د في عالم الناسوت."

الجواب: كان الله تعالى كنزا مخفيا فأراد أن يعرف ولذلك خطط الله تعالى خطة الخلق و للإتيان بكل ماكان في علم الله تعالى و إرادته قال "كن".

ولما قال الله تعالى "كن" أتى بجميع ما كان في إرادته تعالى وعلمه إلى حيز الوجود بمجرد قوله "كن". و ظهرت الأرواح و تشكلت الأجزاء والذات للكون ثم خاطب جميع الموجودات:

"ألست بربكم؟"

قالت الأوراح: "بلى!" أنت ربنا.

و معنى ذلك أنه لما انتقل السمع والبصر إلى الأرواح أدركت و شعرت بأنفسها في شكل من الأشكال  و نزلت من اللوح المحفوظ من خلال عملية التخليق إلى عالم الناسوت.

و إذا يتفكر النظر الباطني في عملية التخليق فيرى الوجود محاطا بستتة أغلفة ثلاثة منها تكون للنور و أخرى تكون للون. وأسمائها كما يلى:

1.                   الضوء المركب

2.                   الضوء المفرد

3.                   الضوء المطلق

4.                   النور المركب

5.                   النور المفرد

6.                   النور المطلق

كل شيء يأتي من الله تعالى و يرجع إليه و لما لم يكن شيء كان هو. و كان كنزا مخفيا فأراد أن يعرفه المخلوق ولذلك خلقه و للإتيان بكل ماكان في علمه  و إرادته قال "كن".

لابد أن نفهم جيدا  و نتيقن بأنه لم يكن شيء من أشياء العالم من الأزل إلى الأبد إلا و كان له وجود من قبل. فكانت الجنة و النار والقرون الأولى و الوسطى و الأخرى كلها كانت من قبل. قال الله تعالى في القرآن الكريم:

يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴿سورة الرعد: ٣٩

إن نقوش اللوح المحفوظ إذا تدخل في حدود التخليق فتكون عناصرا و إذا تكون عناصر فيتواجد المكان و المكان دائما يحتاج إلى الزمان في قيامه و وجوده.


نظرية اللون والنور

خواجۃ شمس الدين عظيمي

إن الزمان والمكان قسمة متعددة للمحة واحدة و قسمة اللمحة هي الإطلاع الذي يرد على الدماغ الإنساني و خياله في كل حين و آن. و بما أن مصدر هذه الإطلاعات هي العلوم الروحانية فيجب على من كان لهم يد طولى فيها أن يتفكروا في علوم القرآن وإلا فلا يمكن الحصول عليها و سوف تبقى المساعي المبذولة عليها بلاجدوى.