Topics

العين الثالثة

نبصر بالعين المكونة من اللحم والجلد في الحواس المادية والحواس الشعورية . فإذا أغمضنا العين فإن البلاغات التي تصل إلى حجاب البصر تتوقف ، فلانبصر شيئاً. وهذا عمل العين المادية التي يطلق عليه البصر الظاهري.

ومما اشتهرعلى الألسنة أننا نبصربالعين، ولكن إذا أمعنا النظر تبين لنا أن العين لاتكفي بمجردها للرؤية، فيما لوألغي نظام الأعصاب التي تقوم بإيصال البلاغ من حجاب البصارة إلى الدماغ. فإن المرء لايبصر شيئاً حينئذ وإن كان له عين . فعلم منه أن العين تشكل جزءاً في آلية (mechanism) البصارة لاكلاً. وطالما ينام الإنسان وعينه مفتوحة ، دون أن يرى ما حوله. ولايبصرشيئاً رغم توفر نظام الأعصاب للعين والدماغ.

وهذا يدل على أن الرؤية تستوجب اتجاه الذهن إلى الشيء.

مثال:

نغادر البيت إلى المكتب، فلوسألنا سائل حين نصل إليه عما شاهدنا في الطريق ، عجزنا عن إحصاء أسماء مارأيناه في الطريق، ولنا أن نذكر الأشياء التي صرفنا إليه العناية والتوجه.

مثال آخر: حين نستغرق في التفكير، نعجزعن أن نخبرـ شيئاً ـ عن صوت من الأصوات التي تحيط بنا، وعما مَرَّبنا من الأحداث.

إن الذهن الإنساني يحتضن خيالات وتصورات متتالية، فلوفكرت لتبين لك أن حركات الحياة وألوانها كله رهن هذه الخيالات والتصورات. وهل المقتضيات الجبلة و الطبعية إلا صادرة عن الخيالات. وليست أعمال الحياة فحسب مبدأها التصوارت الإنسانية بل العلوم والفنون كلها صادرة منها.

نرى إلى الخارج فإن البلاغات التي تحيط بنا تشكل المحور والقطب. وكثيراً ما ينقطع الرجل عما حوله ورغم ذلك كله ترتسم أشباه الخيالات والتصورات على حجاب ذهنه. وهذا يعني أن الخارج حين ينعكس عبر الأنوارعلى البصارة فإن العين تبصر المنظر الخارجي. ولكن النور الخارجي يفقد عمله وتأثيره حين تبرز الخيالات و التصورات على حجب الذهن. ويشعر الإنسان بانعكاس التصورات كما يرى يبصر انعكاس الخارج. وانعكاس التصورات هذا ـ وإن كان خافتاً ـ لكنه يحمل المعاني التي يحملها انعكاس الخارج.

وكثيراً ما نجرب أن الذهن إذا انصرف إلى حدث من الأحداث التي أثرت فيك تأثيراٍ بليغاً أو إلى شخصية من الشخصيات التي وَلعتَ بها، وتعمق التوجه والعناية به ، فإن عناصرالحدث ورسم الشخصية على شاشة الذهن. وينعكس هذا الرسم انعكاساً نشعربه متمثلاً في الهيئة المصورة. ورغم أنه لايُقحم منظرٌ خارجي نفسه في الذهن، نجد النقوش المصورة أمامنا كأن ذلك المنظر عينه بين أعيننا.

وكذلك ننام والعيون مغمضة فتمرمختلف المناظرأمام العين،وتواترت التجارب بأن المرء يري في المنام أوفي النعاس حدثاً من الأحداث ثم يتحقق نفس الحدث في اليقظة.

والقدر الجامع بين هذه الأمثلة التي تمر بنا كل يوم أن عمل العين المادية حين رؤية منظرمن المناظر أوالشعور بانعكاس المناظر يكاد يتلاشى.

والمقصود بيانه من ذلك أن النظر الإنساني في يستغني في عملها عن العوامل المادية، فأحيانا يتحرك بواسطة العين المادية وفي حين آخر يفوق عمله عمل العين. و اتجاه النظرالذي يعمل بدن العين المادي يطلق عليه: النظر الباطني، والنظر الروحاني ، والعين الثالثة.

ولوذهبنا نعرِّف الإنسان في ضوء العلم الروحاني لسميناه "النظر"، والنظر يتوقف على البلاغات. فالبلاغات تصل إلى الذهن وتتجمع فيه وتتحول إلى نظر. فالبلاغ القادم من الداخل أوالخارج يشرحه ـ أوضح تشريح ـ القوة الباصرة. والباصرة صلاحية في الإنسان تلتزم إطلاعَ الذهن على تفاصيل أكثرممكن. وهذه القوة حين تعمل في النظام الجسماني يتحقق المشاهدة بالعين المركبة من اللحم والجلد، كما أن هذه القوة لاتعجزعن عملها دون الحاجة إلى العين المادية. ولوشلت حركة العين المادية مع الإبقاء على توجه النظر، فإن البلاغات تنقطع وتتوقف. فتأخذ القوة الباصرة في الصعود.

ولاينتهي دور القوة الباصرة ما لم تستوفِ عملها. وهي ملزمة وفقاً لقانون الخلق بان تستوفي عملها. وحين تصعد القوة الباصرة يرى الإنسان بالعيون المغمضة عالم الغيب . فتشاهد البصارة ملامح الكون كلها. وهي النقوش والرسوم التي تتقدم خطوة تتحول مظاهر في الملامح المادية. ويطلق على هذه النقوش والرسوم عالم الروح أو الباطن. والمواصلة في المراقبة تدفع القوة الباصرة إلى أن ترجع وراء العالم المادي ، و يتركز النظرفي العالم الذي لايُرى بالعيون الظاهرة.

حين ننظر بالعينين فإن غلاف العين تتحرك، وتتحقق عملية غمض العين، وتتابعُ الغمض يُوقع ضربات على المقل، فتتحرك. ونتيجةً لحركة المقل، يعمل الشعور بالأنوار الخارجية في الدماغ. ويطلع الدماغ على أن ثمة كذا كذا فيما حوله . وإنما تصدر هذه الحركات حين تتجه عناية الإنسان إلى العالم الخارجي، ويحاول أن يتوفر له رصيد أكثر من العلم بما حوله. والانهماك في العالم الخارجي يتمثل في حركات الأعصاب الخاصة . وتتحرك مقل العين، وتُحرِّكُ غمضةُ الجفن بشكل مستمر الأعصاب. وهذا النوع من الحركات العصبية تحرك النظرالمادي. وعمل تقنية البصارة المحدودة يرجع فضله إليه.

وإذا أثبتنا العين على نقطة وتعطلت عملية غمض العين، فإن الاعتزال و الانصراف يأخذ في التغلب والسيطرة، ويقل الشعور بماحوله. تشهد التجارب كذلك بأن النقطة تتلاشى من الأنظار، وتحتل مكانها شاشة. وذلك أن حركات المقلة يتسرب إليها الاضمحلال والفتور لعدم غمض الجفن. وتأخذ هذه الكيفية في الارتفاع والازدياد حين يستمر منظر واحد في شاشة الشعور.

وحين تتغلب الحواس المادية ينتقل الذهن ـ بشكل متواصل ـ من خيال إلى آخر ، ومن أمر إلى آخر، ولايستقر على خيال. وحين ينعكس الأمر تصبح الحواس مغلوبة أي إذا ستمر انعكاس واحد على شاشة الذهن، تتعطلت حركات مقل العين، فإن التيار العامل في الشعور يطرأعليه الاستقرار. وتجمد حركات المقل. وبالتالي تتغلب البصارةالمادية. وحين يتجاوز هذا الاستقرار حداً معيناً يتغير طراز النظر، ويتحرك النظر الباطني أوالزاوية الداخلية.  

وتتحرك حين المراقبة جميعُ الدواعي والعوامل التي تعطل النظر الظاهري و تنشط النظر الباطني.

والبلاغات الخارجية والداخلية كلتاهما تتوقف على النور. فكما أن النور يؤدي إلى البلاغ في الخارج كذلك البلاغات الداخلية تحصل بالنور. وإذا دخل التعديل و التغيير في النور فإن زاوية النظر في المحسوسات والمشاهدت تختلف. ويطلع النهار فينير البيئة والجو بنور الشمس، فنشعر شعوراً خاصًا، ثم يظلم الليل، فتختلف كيفياتنا عما كانت عليه في النهار. هَبْ أنك استخدمت نظارة ذات زجاج أزرق فإنك ترى كل شيء أزرق. وإذا استخدمت عدسة حمراءغلب اللون الأحمر. والعمل في الضوء الشديد بشكل متواصل مما يضعف الأعصاب ويبعث فيها الاضمحلال. وأما إذا كان الجو مزخرفاً بألوان طبعية ، فإن الأعصاب تشعر بالفرح والسرور. وإذا استخدِمَ المنظارُ فإن الأشياء البعيدة تبدو قريبة. وإذا استخدمتَ المجهر تبين لك الأشياء الخافية عن الأنظار.

وكم من شيء في النطاق المادي لاتراه عيوننا. فالذرات البالغة الصغر، والنواة (atom) وفي النواة إليكترون (Electron) والبروتان (proton) وغيرها من الذرات النووية التي تختفي عن أنظارنا. نزداد عجزاًعن رؤية الأشياء على ماهي عليه من الهيئة والتفاصيل ما ازددنا بعداً عنها. فلانرى الشجر على بعد مئات الأمتار ولانرى أوراقها. ولانتبين الأبنية وملامحها لعجزالنظرعن رؤيتها. ويقول العلم الطبيعي: إن الإليكترون في الذرة تدورحول المركز. والماليكيول تتحرك حرة في جميع الجهات في نطاق هيئة المائع. ويتوسع نطاق حركته في الغاز أكثر. وكم من شيء لانراه ولكن نعرفه بآثاره، مثل تيار الكهرباء والميدان المقناطيسي وموجات أخرى كثيرة.

وحين نضع نصب أعيننا الوصفات الطبيعية ونستعين ببعض الاختراعات فإن تفاصيل كثيرة، والأشياء الخافية والزوايا الخابئة تتجلى لنا. وحين نضع على العين عدسة المجهر نرى أصغرالجراثيم والفيروس (virus) والذرات اللطيفة الأخرى. ونرى هيولى الالكترون بواسطه الكترون مائيكرواسكوب (Electron microscope). وينصب عدسة المجهرعلى العين فنرى الأشياء البعيدة منا قريبة. ويخضع رؤية الأشياء الخافية لنوع العدسة وقوتها.

هذا فيما يتعلق بالنورالعامل في الخارج، فإذا تغيرت زاوية النور الخارجي طرأ التغيرعلى بصارتنا طبقاً له. وكذلك البلاغات الواردة على الذهن تخضع لعمل النور و الضوء.

فإذا أغمضنا العين وصرفنا الذهن عن كل شيء فإن النور الخارجي يتوقف، و ينفذ النور الداخلي إلى الحواس ويحل محل النور الخارجي.


الشريط والشاشة

وذهننا يشكل شاشة، يدور عليها فيلم الحياة. وهذه الشاشة لها سطحان: سطح يشتغل عليه فيلم الحواس المادية. فالرغبات والمتطلبات التي تتصور صورة الخيال تنعكس على السطح الخارجي للشعور. وتتم أعمال ووظائف الجسم المادي خاضعة لتلك المتطلبات.

والسطح الآخر لهذه الشاشة خافية في أعماق الذهن، ويمكن أن نطلق عليه السطح الداخلي . تنعكس على هذا السطح البلاغات في صورة الأنوار. وهذه الشاشة خافية عن أنظارنا في غالب الأحوال.

مثال:

ينصب المسلاط (projector) في مكان محاذ للشاشة في دار السينما (cinema) فنركب على هذا المسلاط الفيلمَ ونشغله، فتنتقل النقوش المودعة في شريط الفيلم إلى الشاشة بواسطة التيارات الضوئية وتتجلى عليها في الملامح الصورية. ولو نظرنا إلى الخلاء بين المسلاط والشاشة لرأينا تياراً ضوئياً. وهذه التيارات الضوئية تحتضن كافة الصور التي تنتقل إلى الشاشة. وعليه فتقوم ثلاثة تعينات: الأول: نقوش الشريط، والثاني نظام الضوء أوالتيارالذي ينقل الصور، والثالث: الشاشة التي تصادفها التيارات فتتحول إلى ملامح صورية .

وحين تنشط فينا الحواس المادية نشاهد الفيلم على الشاشة المادية، وينعكس الفيلم حينئذ على سطح الشعورالخارجي، وذاكرتنا مجبولة على أن تحملنا على الخضوع لجذب الثقل. ولانشاهد في قيود الوقت والمسافات إلا الحاضر.

ويحتضن ذهننا شاشة من النور، يشاهد بها فيلم الكون. وبإماكننا أن نشاهد على هذه الشاشة عناصر الفيلم التي تختفي عن العيون المادية. وفي هذا الأسلوب من المشاهد تتلاشى قيود الوقت والمسافة. ولنا أن نشاهد أية لحظة من اللحظات في الثانية الحاضرة، سواء كانت تتعلق بالماضي أوالحاضر أوالمستقبل أوالقريب أوالبعيد.

وكل ما نراه يسافرعلى أكتاف العوامل الخافية عن أنظارنا فيما يبدو. ولكن هيهات أن تظهر حركة من الحركات دون وجودها . وكل حركة من الموجودات آخذة بعناق بعض، وبناء كل لحظة قائم على اللحظة قبلها. واللحظة الأولي تلد اللحظة الثانية، والثانية تلد الثالثة. وحركات الحياة التي نطلق عليها المضي واللحظات التي نطلق عليها الاستقبال، لابد أن نقر بوجودها في الزمن الحالي.

وصفات الحياة وبلاغاتها كلها ترتبط بالوجود الجسماني، مما لايكاد يراه عيوننا في الغالب، إلا أنها تتجلى حين الحاجة إليها. والحواس الظاهرة لاتتمكن من رؤيتها، و لكن لايسعنا رفض وجود هذه الصفات. وسطح الصفات هذا يبقى بملامحها الكاملة في عالم النور. وينشط هذا النظام عن طريق التيارات أوالعناصرالكيماوية للخلايا.

وعندما نرى شخصاً من الناس هب أنه محمود، فإنه يمتثل في تمثال من اللحم و الجلد، إلا أن صفات محمود هذا خافية عن الأنظار مثل رقة قلبه، وحلمه وفهمه للأمور، وحسه وغيرذلك. ويحتفظ دماغ محمود ـ مثلاً ـ بعلوم كثيرة. وتحتوي ذاكرته مالايحصى من النقوش والرسوم. ويتصف جسد محمود ودماغه بحركات لاتحصى ولاترى في الظاهر.

فحياة محمود عبارة عن مجموعة من الحركات اللامتناهية، فكل عمل ذهني وجسدي حركة من حين ولد إلى هذا اليوم. وحياة محمود فيلم، ينتقش فيه كل حركة . و لايمكن فصل شيء من هذه النقوش من حياة محمود، وهذه الحركات كلها حياة محمود الخافية. والشخص الذي بين أيدينا ليس إلا تمثالاً من الملامح المادية. وأما ماضيه و مستقبله وقدراته وصفاته كلها فهي خافية عن الأنظار. وذلك يعني أن محموداً في الواقع عبارة عن الصفات، والجسم مظهر لهذه الصفات.

وحياة محمود الخفية وخصائصه كلها موجودة في صورة تسجيل أوفيلم. ومظهر هذا الفيلم المادي هو وجود محمود الجسماني نفسه. وهو مايطلق عليه الشعور أيضاً. و محمود الذي يراه أنظارنا عبارة عن مجموعة صفات عديدة. في حين أن ثمة صفات لاتحصى مما لايحيط بها أنظارنا، ولكن لايسعنا إنكار هذه الصفات.

والتسجيل الغيبي أوالفيلم يصاحب الذهن كل وقت، فمثلاً حين نرى شخصاً مضى على رؤيته خمسة وعشرون عاماً فنكون في غنى عن تذكر الأحداث التي مضت عليها خمسة وعشرون عاماً، كما نكون في غنى عن العودة في الماضي بعبور خمسة وعشرين عاماً ، بل نعرفه بمجرد وقوع النظرعليه. ففترة الخمسة والعشرين عاماً هذه مسجلة في اللاوعي. فإذا اشتغل هذا التسجيل وتحرك انمحت الفترات المتخللة بين هذه المدة لاستعادة الشخص الذي مضى عليه خمسة وعشرون عاماً. واستعد ذهننا لمشاهدة اللحظة التي كان فيها هذا الشخص في التسجيل.

وتعتبر بذرة الشجرة أول مظهرمادي لحياته، وهذا البذرحين يباشرالماء و الطين ، ويتوفر له حرارة في مستوى بعينه، تحركت حياته. ومما يستحيل فهمه ـ بالنظر إلى بذرة صغيرة ـ أنها تحمل حياة الشجر كلها، وأفنانها، وثمارها وأزهارها، والأشجار الناشئة في الجيل القادم كلها. ولكنها حقيقة لايسع إنكارها و جحدها. فهذه البذرة تنمو فتقطع مراحل الحياة كلها مرحلة بعد مرحلة. وبعبارة أخرى: إن حياة الشجر ترتبط بوجوده المادي (البذرة) في صورة تسجيل. وهذا التسجيل يتحول إلى شجرة برمتها وفق ترتيب وقدر معينين.

ويقول العلم الروحاني: إن تسجيلات الصفات كلها في سطح يطلق عليه عالم النور. وبالإمكان مطالعة هذا التسجيل أشبه شيء بالفيلم. والسبيل إلى مشاهدة الفيلم الداخلي صرف النظرعن الشاشة المادية، ويمكن ـ في هذا العمل ـ سلوك جميع السبل التي تصرف النظر عن الشاشة الخارجية وتُرَغِّبه في الشاشة الداخلية. وهذا السعي مما يقهر الوارادات الشعورية. ويرفض النظر الشاشة التي تكون أمام النظر في الشعور و الحس الماديين. وبالتمرين المتواصل يحتل المركزية الشاشة التي تعتبر سطح الذهن الداخلي والتي تتحرك فيها مظاهر الكون الخفية.

ولم نتعود تثيبيت النظر على الفيلم الداخلي، فترغب الطبيعة في القضاء على هذا الميل. وتنبعث أنواع من الخيالات، وتنفر الطبعية، وتثبيت النظر على الشاشة الداخلية تحتاج إلى تكرير العمل ومعاودته، حتى يتحول العمل عادة.

وبوسع المرء أن يرى مظاهر الكون على الشاشتين اللتين تمثلان نقطة ذاته إلا أنه يجهل عن الفيلم الداخلي، لأن رغباته كلها تنصب على الشاشة الخارجية. ولايتوجه إلى رؤية الفيلم الداخلي.


حركة الروح

والذي نطلق عليه الحياة المادية ، كله مركب من أعمال الجسم ووظائفه ، فمثلاً : نجوع ونتعطش، فنرغب في الطعام والشراب ونهتم بهما، ونحول الغذاء جزءاً للجسم و الروح. كذلك كسب العيش، وتوفير الوسائل، وإشباع متطلبات الفرح والحزن؛ كلها تقوم على حركات الجسم. وعند التأمل يتبين أن العقل يهديها، والحركات الجسدية بتفاصيلها كلها تتحرك في نقطة الأرض. فإذا اكتملت هذه الحركات كلها، تبعتها الآلة الجسدية، و حين نتعطش فأول شيء يحدث هوأن الذهن يتطلبه، ثم نريد شرب الماء خضوعاً لمعنوية هذا العلم، فإذا نشط العلم بالعطش، وتفاصيله بجميع قواه، يُصدر دماغُنا الأمر إلى الأعضاء الجسدية بتحقيق هذا الطلب. وبالتالي يتحرك الجسد وتتم عملية شرب الماء، و يكتمل الطلب.

مثال:

يجلس جالس ليكتب مقالة فتكون تركيبة المقالة وجميع تفاصيلها مرتبة أولاً، ثم يَرقُم الكاتب جميع التفاصيل بالقلم على الورق، ويطلق على هذه التفاصيل "المقالة " أو "القصة" أو"الرواية ".

وسواء كان إشباع حاجة العطش أوكتابة المقالة، فإن الخطوة الأولى فيه ارتسامُ  ذلك بجميع تفاصيله في الذهن، ولايتجاوزعمل الآلة الجسدية أنها تضفي على الفيلم الصوري الملامحَ المادية. وعلى هذا القياس، فلايتحقق فعل الجسم أوحركة من حركاته مالم يرتب عملٌ من الأعمال ملامحَ ذهنية.

ويطلق على الفعل الجسدي: العالم المادي، كما يطلق على الحركات الكامنة وراء الجسد: عالم الروح. ويحتضن عالمُ الروح جميعَ المشاعر والأبعاد متمثلة في العلم . وسبق أن مَثَّلنا بشرب الماء. فإذا حصل متطلب العطش، وإرادة شرب الماء في الذهن فإن المرء يشعر بهذا العمل في أبعاد العمل (Dimensions). ولكن هذه الدواعي لاتتمثل في الحركات الجسدية. وإنما تتمثل في نقطة واحدة. ويتجلى مظهر الجسم بعد هذه المرحلة.

وتفصيل هذا الإجمال أن حركات الذهن الإنساني تقع في دائرتين. وتعمل البلاغات في الدائرة الأولى بدون وظيفة جسمانية، بينما تعمل البلاغات في الدائرة الثانية بوظيفة. فإذا تحرك الجسم تحققت قواعد جذب الثقل كلها. اللمحات تخضع للترتيب، فتحصل الأولى ثم الثانية في عقبها ثم الثالثة بعدها، فما لم تحصل اللمحة الثانية استحال حصول الثالثة، على العكس من ذلك إذا كانت الدائر الثانية مشتغلة، فإن الأنانية الإنسانية أو النفس الإنسانية لاتستلزم مزامنة الجسم المادي. وتحررت الأنانية الإنسانية حينئذ من القيود.

مثال:

الدماغ يبلغ أن الحصول على القوة الجسمانية تستلزم تناول الخبز. فإذا لبينا هذا البلاغ، وامتثلناه، فإننا في حاجة إلى المرور بحدود عديدة بشكل متواصل ومستمر. فنزرع القمح، ثم نحصده نفرزه من السنابل، ونطحنه في المطحنة، ونعجنه ثم نخبزه، ثم نأكله خبزاً. فهذا عمل الدماغ المادي. وعلى العكس من ذلك حين ينشط الدماغ الروحاني فيرد الخبربأكل شيء، فلايحوجنا ذلك إلى تجاوزالحدود، فبمجرد ورود الخبرإلى الدماغ الروحاني بضرورة أكل الخبز، فيوجد الخبز.

وأوضح مثال عليه في الحياة الطبيعية: المنام، فحين نستيقظ من النوم تشتغل الحواس بالاتصال بالبيئة الخارجية، ولايمر زمن إلا وينشط داعٍ من الداعي الأعصاب، فيتحرك جسدنا وفقاً لإشارته. فإذا ما نمنا طرأ السكوت على الحركات الجسدية دون أن ينتفي دورالأنانية أوالنفس. ورغم أن جسم الفرد يتعطل في المنام إلا أنه يرى تلك الحركات والسكون كلها بين يديهما رؤيتَه لها حال اليقظة. ولايفترق إلا بأن حدود الوقت والمسافة كلها تنتفي وتتلاشى. وتنكمش الكيفيات في نقطة واحدة. فمثلاً نرى في المنام أننا نحدث صديقاً من الأصدقاء، ورغم أنه على مسافة بعيدة جداً ولكن لانشعر بالمسافة المكانية بيننا وبين الصديق حين نحدثه ونكلمه.

ننام في الليل في حين نحن متأكدين من الوقت بالنظر إلى الساعة وهوالساعة الواحدة، ثم ننتقل في المنام من بلد إلى آخر. ثم يمر بناظرنا فيلم طويل من الأحداث واحداً بعد آخر. ثم نفاجأ باليقظة ونعيد النظر إلى الساعة فإذا هي تفيد مضي ثوانٍ أودقائق. ولو حصلت هذه الأعمال والحركات بالجسد المادي لاستلزم تجاوزأيام الأسابيع والشهور، والساعات، واستلزم ذلك قطع مسافة آلاف الأميال.

ومن قدرات النفس التي تنشط حال اليقظة والنوم: "الذاكرة". يستخدم الإنسان هذه القوة في كل خطوة في الحياة. ولايتأمل أنه لوتصور زمن الصبا، لأحاط الذهن في لحظة ، بأحداث الصبا وإن كنا قد قضينا فترة تساوي سنوات، ومررنا بآلاف من التغيرات، و لكن حين يضرب الذهن في الماضي فإنه يقطع مسافة تمتد سنوات في جزء من الألف من الثانية حتى يصل إلى زمن الصبا. ونحن نشعر بأحداث الماضي بل نشاهدها مشاهدةَ المرء فيلماً من الأفلام.

وقد يتعمق الفرق بين الإحساسات تعمقاً يدركه الشعور، فلوأن المرء انصرف إلى عمل من الأعمال انصرافاً مفرطاً، وتركزت الواردات الشعورية في مركزواحد، فإن هذا الأمر يتحول إلى المشاهدة.

مثال:

هب أننا نطالع كتاباً ماتعاً فننهمك فيه انهماكاً ينتفي معه الوقت. وننتهي من المطالعة فنشعربأنه لم تمض إلا دقائق، وقد مضى زمن طويل جديداً. وكذلك تساوي الدقائق ساعات حين ننتظرأحداً.

يطلق على المنام في الغالب "الخيالات الموجودة في الذاكرة والتصورات التي لاتحمل معنى". ولكن تجارب المنام تنفي أن يكون المنام مجرد انعكاس الخيالات. و اعترف كل بلد وكل قرن بأهمية المنام من الوقت يحتفظ فيه النوع البشري السجل التاريخي. ويحتل المنام مكانة خاصة في علم النفس وشؤون الأديان. وقد جرب المنام كل شخص في كل طبقة ومستوىً. وما من أحد إلا يرى في المنام ما يرى، ولكنه لابد من أن يرى يوماً من الأيام لاينسى أثره بعد ما يستيقظ من نومه. وربما تتعمق الرؤيا تعمقاً ينتقل أثره إلى اليقظة بعدها. ويشعر الناس بلذة ما أكلوه في المنام بعد دقائق أو ساعات من اليقظة كما يشعرون بلذة ما أكلوه بعد الأكل بدقائق أوساعات في اليقظة. وينجس المرء بالعلاقة الجنسية في الرؤيا كما ينجس بالتلذذ الجنسي في اليقظة. وطالما شاهدنا أن الحدث الذي رأيناه في المنام قد وقع بعينه في اليقظة. مما يوضح أن المرء بإمكانه أن يقرأ تمثلات المستقل (نقوش الحياة) كما يمكنه أن يستعيد التسجيل الماضي. ويطلق على المنام "الرؤيا". وتناول كتاب الله الخاتم هوالقرآن الكريم وغيره من الكتب السماوية الرؤيا بوجه خاص، وأشير إلى أن الرؤيا قوة (agency) تكشف للإنسان الغيب. و التمكن من الرؤيا مما يزود الإنسان بأخبار الأمورالتي تفوق السطح المادي.

رآى يوسف عليه السلام في المنام أن الشمس والقمر وأحدعشر كوكباً؛ كل ذلك يسجد له ، في إشارة إلى أنه سيُشَرف في المستقبل بالنبوة والعلم من لدن رب العالمين. وتنبأ يوسف بمستقبل طباح عزيز مصروساقيه حين استمع لرؤياهما. ورأى عزيز مصر رؤيا أولها يوسف عليه السلام بالجدب ثم وفرة الغلات. وتحقق كل ذلك مثل تأويله و إشارته. ولايفوتنك أن الرؤيا الصالحة من هذه المنامات كانت رؤيا النبي، وأما المنامات الثلاثة فهي منامات عامة الناس. وكلها يتنبأ بالمستقبل والكشف عنه.

إن روح الإنسانية وأنانيته نشطة دائماً، كما أن فترة اليقظة برمتهاعبارة عن حركة من الحركات، فكذلك المنام عبارة عن الحركة. ويقف الإنسان على حركاته الجسدية في اليقظة. فتستمر رغبته الشعورية باليقظة. ورغم ذلك لاتسجل جميع ما يمربه من الأحداث في سجل الذاكرة. وإنما تحتفظ الذاكرة من الأحداث بما يترك أثراً على شعوره لسبب من الأسباب.

 مثال:

نسافرمن بلد إلى بلد، ونمر بأمكنة كثيرة جميلة في الطريق، وكذلك بأمكنة تبعث الاشمئزاز والنفور في نفس المسافر والمار، وتمربنا اللوحات، وتمر بأنظارنا آلاف السيارات التي تجري على الشارع، ونشاهد الأشجار الخضرة والمروج الواسعة. ونصل إلى بلد آخر فيسألنا سائل عما رأيناه في الطريق، فنعجزعن سرد تفاصيل مارأيناه في السفر. ولكن إذا ما كنا نزلنا منزلاً، وأمعنا النظر في بعض المناظر، فإن بوسعنا ذكره و بيانه ، ونقول عن سائره: لم ننتبه له. وعليه تكونت القاعدة القائلة بأن أذهاننا يُسَجِّلُ من الأحداث ما تركزت عنايتنا عليه ، وأما ما لم يسترع انتباهنا فإن الذهن يعجز عن الإحاطة به.

وهذه القاعدة تفعل فعلها في المنام أيضاً، فالحواس هي التي تُغلبُ في المنام، وأما الأحداث التي تمر بها الروح، فإن أذهاننا يعي منها إلى الحد الذي تتعلق به رغبتها و حرصها. وعليه لانقدر على ذكر عناصر المنام إلا ما تركزت عليه عنايتنا لرغبتنا و حرصنا عليه . وأما مالايرتكزعليه عنايتنا من الأحداث، فإن شعورنا يعجزعن وصل حلقاتها بعضها ببعض.

وربما يتمكن الشعور من رؤية واردات الروح مرتبطة بعضها ببعض، ويستوعب  ـ أي الشعورـ حركةَ الروح استيعاباً يعزُّمعه إلباس المعاني عليها. وهوما يطلق عليه الرؤيا الصادقة. وترتقي هذه الحالة حتى تصل إلى مرحلة الكشف والإلهام.

كلف الله تعالى الخلق كله بما فيه الإنسان، بقانون يقول: من العسير أن يقطع أحد علاقته من حواس المنام. وإبقاءً على الجانب المادي من الحياة البشرية يلزم الدخول في حواس المنام. وعليه ينام كل أحد شاء أم أبى، ويستعيد رصيداً جديداً من القوة والطاقة حين يستيقظ من النوم.

وحواس المنام من إفاضة القدرة الإلهية التي تشمل كل أحد . وبإمكان المرء أن يستغله إذا أراد ـ أوسع استغلال.

ويبدأ العلم الروحاني بالدرس الأساسي الذي يفيد أن الإنسان ليس مجرد تمثال من اللحم والجلد؛ بل يصحب الجسم قوةٌ (agency) يطلق عليها "الروح"، وهي أصل هذا الجسم، والروح الإنسانية تتحرك بدون الجسد، ويستطيع الإنسان السفر الروحاني إذا حصلت له ملكته والقدرة عليه.

وحركة الروح هذه تقع كل يوم في المنام من غيروعي، ولابد أن يأتي على الإنسان ـ ليلاً أونهاراً ـ زمن يشعر فيه بضغوط طبيعية. وتتثاقل الحواس من غير إرادة منه، وتشعر الأجفان بالضغوط، وتميل الطبيعة إلى النوم. فنستعد لإسلام أنفسنا إلى النوم كرهاً تحت الضغط الحيوي هذا. فتغمض العيون، وترغب الحواس في الابتعاد عن جو اليقظة. ويرفض الشعورُ كل خيال يخل بالنوم، فما هي إلا ثوانٍ حتى يسود السكوت الحواسَ ويغلبها. ويمر الإنسان بالنعاس إلى النوم الخفيف ثم النوم العميق.

وهذه الكيفية تشكل تحولاً في الحواس، لايدخله محاولة إنسانية قصدية، فيدخل في حواس النوم كرهاً، فيتحتفظ السجل ببعض الواردات التي تمر بها في النوم، ويغفل عن سائرها. ولودخل داخلٌ في كيفية النوم دخولاً يبقى الشعور منتهباً ويقظاً، فإن الطيران الروحاني يشكل تجربة محسوسة. ويصبح الإنسان مؤهلاً لأن يتذكره ويعيه. و أيسر طريق إلى ذلك يفرض عليه كيفية النوم بإرادة منه، والمعنى أن الأنماط التي يتحقق الدخول فيها من اليقظة إلى النوم من غيرإرادة، إذا ما تم استخدام الإرادة في تحقيقها، فإن الإنسان يدخل إلى حواس النوم باختيار منه.

ولوذهبنا نعرِّف المراقبة ـ بالنظر إلى النوم واليقظةـ لقلنا: إن المراقبة عبارة عن السفر في حال اليقظة ـ في عالم المنام، وبعبارة أخرى: المراقبة عبارة عن عمل يحاول فيه المرء فرض كيفية النوم على نفسه وشعوره يقظان.ويخلق في المراقبة كافة الأحوال التي يمربها المرء حين تتبدل الحواس. فتغمض العيون، ويخفف سرعة الأنفاس، وتترك أعضاء الجسد فاترة، ليعود الجسم غيرمحسوس. ويصرف الإنسان ذهنه عن كافة الخيالات والأفكار ويركزه على تصور واحد. فإذا نظرت إلى من يمارس المراقبة رأيت ـ فيما يبدوـ ثَمَ شخصاً أغمض عينيه ونام . والواقع أن شعوره لم يتعطل، كما يتعطل في المنام . فالمراقب يدخل ـ وهو يقظان ـ في الحالة التي تطرأعليه حال الرؤيا. وما أن يطرأ السكوت على الحواس الشعورية، حتى تستر حواسُ المنام حواسَ اليقظة. وفي هذه الحالة يستخدم الإنسان بإرادة منه ـ كافة القوى والصلاحيات التي تنشط في المنام. و لايعود معنىً للمضي والاستقبال والبعد والقرب، ويتحرر الإنسان من قيود الجسد الترابي.

وترتقي هذه الصلاحية إلى درجة تصبح حواس المنام واليقظة متماثلتين (parallel). ويقف الشعورالإنساني على الحركات في المنام وقوفَه على شؤون اليقظة. فيستخدم روحه في حواس المنام بإرادة منه.


النظام البرقي

نتأمل في المادة فتتبين القوانين المادية والخصائص المادية. وحين يبحث ذهننا في أغوار المادة يتوصل إلى عالم يقوم عليه المادية. ولنا أن نطلق عليه عالم التيارات أو عالم الأنوار. وبحث علماء الطبيعة عن عناصر المادة ومكوناتها، فتبين لهم النواة و ذرات النواة، وتبين ـ عن الإلكترون (Electron) وهي من ذرات النواة ـ أنها تحمل كفاءة مزدوجة. فهي ذرة مادية في جانب، وتيار في جانب آخر. ونظام التيارات المتواجد في النواة (atom) ينم عن عالم الأنوار. فكل ما نراه في جونا وبيئتنا يحمل ميزة مادية في جانب، ويشكل هيولى النور في جانب آخر. وتخضع الميزة المادية في تغيرها وتبدلها للحركات التي تنبعث في هيولى النور. وتقول قواعد العمل الطبيعي: إن الذرة تحول ماهيتها فيما إذا أدخلت تعديلات في مقدار الإلكترون (Electron) والبروتون (proton). وفي العملية النووية تتحول اليورانيوم (URANIUM) إلى البلوتونيوم (plutonium) عقب علمية الانشقاق والتفتت. فكأن ذرات النواة التي تنتمي إلى عالم التيارات، إذا دخلها التغيير والتبديل فإن المادة تحول هيئتها. وإذا دخل التعديل والتحول في عالم النور فإن الميزة المادية لا تسلم من هذا التحول والتبديل. كما أن كل نظام مادي يعمل معه نظام برقي كذلك الإنسان يعمل فيه نظام برقي. ويقول العلم الروحاني: ليس الإنسان مجرد تمثال من اللحم والجلد والعظم والدم، بل هو عبارة عن وجود ترابي بجانب أنه جوهر نوراني. وهذا الجوهر النوراني هوأصله ولبه ، والجوهر يشكل سيلاً برقيا أوتيارا. 


المراقبة

خواجۃ شمس الدين عظيمي

 السؤال عن الإنسان حقيقته ونطاق قدراته أصبح يحتل أهمية كبيرة في هذا العصر العلمي. و العلم بسنة الخلق يفيد بأن ابن آدم يتشكل آلافاً من التشكلات، وهو فيما يبدو تمثال من طين ، وعبارة عن كيان من اللحم والجلد والدم والعظم، قائمٍ على الحركات الميكانية. ويعمرداخله عالَمٌ كيماوي بأسره. وإن حياة المرء تعتمد على الاطلاعات والبلاغات، وليس المرء إلا خيالاً و تصوراً . وكل حركة صادرة منه خاضعة للخيال والتصور. وإن جميع المآثر في العالم الإنسان يدور رحاها حول قوة غير مرئية من الخيال والتصور والتخييل. وإن ابن آدم يُلبس الخيالَ أنواعاً مختلفةً من المعاني، فيتجلي منه كل جديدٍ وحديث من المظاهر.