تسبيح الحصا

دخل عثمان رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم ذات ظهيرة، وأبوبكر و عمر عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما الذي جاء بك ؟ قال: حب الله ورسوله ". وقد دخل عليه قبله أبوبكر فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، فرد بمثله، ودخل عليه عمر الفاروق فسأله فرد عليه بمثله  فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات فسبحن في يده حتى سمعت حنينهن  كحنين النحل ثم وضعهن فخرسن قال: ثم أخذهن فدفعهن في يد أبي بكر قال: فسبحن في يده ثم أخذهن ودفعهن في يد عمر فسبحن، ثم أخذهن ودفعهن في يد عثمان فسبحن.

إن الأصوات جزء لا يتجزأ من حياتنا، وبها نتواصل، ونتبادل المعلومات، وبها ندرك كثيرا من الأشياء، ونتمتع بها، وتغريد الطيور على الأشجار، وضحكات الأطفال في الأراجيح، ونداءات الجوالين في الأزقات، وأزيز الآلات والماكينات في المصانع، و أصوات لاتحصى ولاتعد غيرها تقرع آذاننا. وكم من صوت لانسمعه، وهو خارج عن حدود سماعنا.

ويعم اليوم استخدام الموجات فوق الصوتية في تشخيص الأمراض المستعصية و معالجتها، والصناعة والبحوث والدراسات. وهذه الأمواج تعمل وفقاً لنظام الصدى، والارتعاشات الصوتية. وتقوم بالتمييز بين مختلف أوضاع المادة.

وتوصل العلم الحديث إلى أن نطاق سماع البشر يتراوح فيما بين عشرين ذبذبة (20 hertz) إلى عشرين ألف ذبذبة (20000 hertz) من الترددات (frequency)، و أما الأمواج فوق الصوتية فإنها تبلغ تردداتها (frequency) مابين عشرين ألف ذبذبة (2000000) إلى عشرين مليون ذبذبة (20000hertz)

والأمواج تنقسم على قسمين رئيسين: أحدهما: ما تتقدم فيه الذرات وهي تتقلص و تمتد. وأما القسم الثاني منه فهو ما يتقدم نازلاً. وتم تقسم أنواع الأمواج اعتماداً على الترددات (frequency) وطولها.

والموج يقطع المسافة نازلاً وصاعداً. وهذا ما يطلق عليه طول الموج. وطول الموج يشتمل على حركة تصاعدية، وحركة تنازلية: مرة صاعدة، وأخرى نازلة. ويكمل شوطاً واحداً (cycle) بتلاقيهما. والأشواط التي يقطعها الموج في ثانية واحدة، يطلق عليها "تردادت الموج"(frequency)، وتتقلص الترددات (frequency) إذا امتد الطول. وتمتد الترددات (freequncy) إذا تقلص الطول.

والأمواج الإذاعية أمواج كهربائية مغناطيسية قليلة الترددات (frequency). وأما نشرات التلفاز فهي أمواج كهربائية مغناطيسية كثيرة الترددات (frequency). والأمواج الكهربائية المغناطيسية لاتحتاج إلى وسائط لقطع المسافات. فبإمكانها أن تتقدم في غنى عن الماء والهواء. ولايعوق تقدمها في الفضاء شيء.

وإذا ازدادت الترددات (frequency) كثيراً تحولت الأمواج أشعةً تتقدم على خط مستقيم. وتزداد قدرةُ هذه الأمواج على تجاوزالأشياء بحكم قصر طول الموج، و زيادة الترددات (frequency)

ونبَّه الله سبحانه وتعالى في غير موضع من القرآن الكريم على أنه ما من شيء إلا يسبح بحمده. أي أن كل شيء في الكون ينطق، ويسمع ويعرف غيره. قال الله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).

فكل شيء ينطق ويسمع ويشعر طبقا لنظام الكون. وإذا كانت الحصا قد سبحت فهذا يعني أنها تشعر وتشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم نبي حق، بدليل أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ رحمة لكل شيء في العالمين. فكل ذرة في الكون على علم بأن بقاءه رهن رحمته صلى الله عليه وسلم بحكم أنه رحمة للعالمين.