Topics
قال الله تعالى: (( قُلْ سِيرُوا فِي
الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ))(آية20 سورة العنكبوت) وقال أيضا
: (( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ
اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ))(آية185
سورة الأعراف) وقال أيضا : (( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء
مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ
جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ،وَمِنَ
النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
))(آية27- 28 سورة فاطر)
إن هذه الآيات المباركات تسجل انطباعا واضحا
أن الله تعالى يدعو عباده إلى التفكير في آياته القرآنية والكونية معا فالله تعالى
يريد ألا يبرح عباده عن التفكير حتى يبدو لهم معنى الآية التالية: (( وَعَلَّمَ
آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ
أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ))(آية31 سورة البقرة)
فالقوم الذين يكفرون في آيات الله تعالى
ويدرسون الكون تبدو أمامهم الحقائق الكونية، فالقوم الذين يقومون بدورهم بالخوض في
الحقائق الكونية يكتب لهم كل الشرف والكرامة، وعلى العكس منهم فإن الذين تموت
قلوبهم ويحتل الرياء والنفاق مراكز تفكيرهم وإدراكهم يسيرون إلى الذل والهوان،
والخزي والمعرة.
قال الله تعالى: (( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم
مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ))(آية29 سورة البقرة).
وقال أيضا : (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ))(آية36 سورة الإسراء)
وعامة مشاهدتنا في هذا العصر الراقي أن القوم
الذين يستعملون السمع والبصر والفؤاد حق استعمالها هم الذين أحرزوا قصب السبق في
مجال التطور والرقي وما التطورات العلمية الحديثة إلا آية بينة على قوم استعملوا
نعم الله تعالى هذه بكل وعي وإدراك، وتفكير وترو.
ولقد قال الله تعالى: ((وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ
شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)) (آية 25 سورة الحديد).
وأي تطور علمي لا يبقى مديناً بالشكر
للحديد؟ ألا نعتبر بالطائرات والسفن
البرية، والسكك الحديدية، والسيارات، والماكينات الجبارة، والمصانع الصغيرة
والكبيرة، والأسلحة النارية؟
فالقرآن كتابنا، والله تعالى ربنا، والغاية ما
يحويه قرآننا، ومع كل ذلك فلمجرد أننا انسلخنا عن التفكير بينما هم دأبوا عليه
فنحن المحرومون وهم المحظوظون، ونحن في ذل ومهانة وهم في عز وكرامة، ونحن الفقراء
وهم الأغنياء المتصدقون علينا، ومدعي أن المسلمين هم أصحاب الجنة وأن غيرهم أصحاب
النار، فلا ندري كيف نبرر هذه العقلية العجيبة؟
أيعيش أصحاب الجنة تحت رحمة أصحاب النار وصدقاتهم؟ أيكتسي أصحاب الجنة بما خلعه عليهم أصحاب النار
من ملابسهم البائسة؟ أأصحاب الجنة يفتقرون في كل شيء مهما دق وجل إلى مساعدة أصحاب
النار؟
والواقع أن انسلاخنا عن التفكير في الكون
سلبنا كل مكانة في العالم وكل إجابة في السماء، وأهمية التفكير ربما يمكن تقديرها
من خلال معرفة أن الآيات المرتبطة بالوضوء والصلاة والصوم والزكاة والحج والطلاق
والدين والآداب الاجتماعية وما إلى ذلك عددها مائة وخمسون بينما الآيات التي
تستحدثنا على التفكير في الكون إنما عددها سبعمائة وست وخمسون.
قال الله تعالى : ((إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي
الألْبَابِ)) (آية 190 سورة آل عمران).
وقال أيضا : ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي
الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء
فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ
وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ
لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) (آية 164 سورة البقرة).