Topics
إن نشر
الدين دوما سار على منهجين:
منهج أن
يتجادل الإنسان مع مخاطبه حسب قدراته العقلية ويستميله إليه بحسن مبادرته، ويتعهد
بما يفتقر إليه ويحل مشاكله كمشكلة نفسه.
ومنهج
آخر أن يقوم الإنسان بنقل أفكاره إلى غيره في حلة القراءة والخطابة، وهذا العصر
الجديد إنما هو عصر المنهج الثاني، فلقد تقلصت المسافات وانحصر امتداد رقعة الأرض
في كرة، وبالنسبة للانتقال السمعي أصبح ظاهرة روتينية تتكرر كل يوم، فهناك حلقات
من البث والإذاعة لا تكاد تنتهي.
ونفس
الشيء يحسب على الكتابة، وإن الكتابة المضروبة على الآلة في الولايات المتحدة
الأمريكية، أو في غيرها من الدول النائية، يمكن قراءتها في كراتشي أو إسلام آباد،
وكأن هذه الكتابة تجري في كراتشي أو إسلام آباد نفسها، والكتابة إنما تحدث في
القارئ انطباعات تغرس في العقل بذور الفهم والإدراك التي تتحول شجرة باسقة أصلها
ثابت وفرعها في السماء.
ولا بد
أن تمارس العدل في الكتابة والخطابة وأن تنتقي من الكلمات والأساليب ما يبعث
القراء أو المستمعين أملا من الآمال. ولا تلقي بهم في مهاوي الخوف والقنوط فإن
المغالاة في التخويف والإنذار ربما تجر إلى القنوط من رحمة الله تعالى واليأس من
إصلاح النفس ومن اللجوء إلى طريق النجاة، واستعمل في كتاباتك كلمات مشجعة متفائلة،
وقدم فكرة لحب الله تعالى لتمهد السبيل إلى احترام الله تعالى والتأدب معه بدلا من الخوف والنفور منه حتى
يلبي القارئ أو السامع إلى رحمة الله تعالى
ومغفرته بكل أدب واحترام، وإن الذي يدعو إلى الله تعالى بحق لا يقنط العبد
من روح الله تعالى إذا عصاه ولا يأمن عذاب الله تعالى إذا أطاعه فقد وصفه علي كرم
الله وجهه بخير العلماء.
وعليك أن
تقوم بتبليغ الدين ونشر العلوم الدينية قليلا ولكن بصفة دائمة وان تدعو الناس إلى
الاستفادة من الكفاءات الروحانية، وأن تواجه كل ما يعرض لك في هذا السبيل من
المتاعب والمصاعب، والقلاقل والنوازل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن
أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ".
