Topics
إن لنا حبيبا مخلصا متواضعا للغاية، وقلبه
متوقد فيه جذوة الحب ونشعر بحرارتها، وإذا شقت علينا الوحدة والخلوة فإن ذكرى
الحبيب تملأ مناخنا لذة وبهجة، وإذا مرضنا وفقدنا الأمل فإن عيادة الحبيب تبعث
فينا الحياة من جديد، وإذا وقعنا في ورطة أنقذنا منها الحبيب إيثارا منه، وإذا قام
أحد يشجب حبيبنا ذلك شق علينا ذلك وشعرنا بالأذى والقلق البالغين، وزبدة الكلام أن
الرجل إذا أساء إلى رجل ولم تتجاوز الإساءة ذاته إلى صديقه أو إلى حبيبه فهذا شيء
ميسور تحمله ويمكن غفرانه ولكن التعريض بصديق من شيمته الإخلاص والإيثار لا يكاد
يتحمله من يفهم عواطف الإخلاص ويحترمها.
وإن قلوب أولياء الله تعالى مصابيح متوهجة
بالهدى والإخلاص والإيثار والحب، وهم أولياء الله تعالى الذين يحبهم الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عادى لله
وليا فقد بارز الله بالمحاربة، إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأوفياء الذين إذا
غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى.
وقال صلى الله عليه وسلم: ابغوني في ضعفاءكم
فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم .
وإن بعض وجوه القوم جاءوا إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ومعه الضعفاء من المسلمين، وقالوا إن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا
العرب مع هؤلاء العبيد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فأنزل الله تعالى عند ذلك:
((وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ
يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ
عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ))(آية 52
سورة الأنعام).
والذي يستدعي التفكر هو أن الرسول صلى الله
عليه وسلم أقامهم لمدة قصيرة لأجل وجوه القوم ولكن غيرة الله تعالى لم تشأ
الازدراء بأوليائه والإهانة لهم.