Topics
إن من مشاهداتنا أنا إذا بذرنا في أرض الله
تعالى أخرجت الأرض تلك البذور، وذاك الشجر أو النجم يكون له قشرتان منفصلتان على
غصن صغير، فالبذر الذي غرسناه في الأرض ينشطر شطرين يلازمان ذاك الغصن، و مع ترسخ أصل ذاك الشجر أو النجم وتمتنه فإنه ذينك
القشرتين يتحاتان وتتفتح هناك برعومة، ويمتد هذا النشوء إلى أن يتحول ذاك البذر
الصغير شجرة ترزق خلق الله تعالى بما عليها.
وهل أرخينا أزمة التفكير في أن بطن الأم يخلو تماما من شجر مثمر أو مخزن
مواد غذائية، ومع ذلك فان الطفل لا يزال ينمو وينشأ في زنزانة البطن المظلمة بين
هنيهات ودقائق وساعات وأيام وشهور والخضوع إلى قانون ونظام ومبدأ، وما إن يفتح
عينيه في هذا العالم حتى يفجر الله تعالى له عينين من اللبن الخالص لتغذيته، وما
إن يتقدم الولد نحو الاكتفاء الذاتي في الرزق إلا جفت تانك العينان النابعتان من
ثدي الأم، التي بدورها تدبر لرضيعها وسيلة أخرى للرزق، بعد أن أحبت أن تلصقه دوما
بثديها، وفي هذه الأثناء فإن الله تعالى أرحم من سبعين أما يجعل له الأرض أما وهذه
الأم الجديدة تهيئ له من بطنها كل وسيلة من وسائل الرزق والحاجة.
ولماذا يدبر الله تعالى كل هذا؟ ولماذا سخر لنا كل شيء في الكون بكل سخاء
وبسط؟ والجواب إن الطبيعة تريد منا
التفكير في الآيات الكونية وأن نعيش حياة الصالحين فإن الصلاح أحسن صنيعة والله
تعالى لا يحب أن يقوم أحد بتشويه تلك الصنيعة،ولقد قال الله تعالى في سورة يونس
عليه السلام : (( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ
وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ ))( آية 26-سورة يونس).
(( وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ
جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ
مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ
مُظْلِمًا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )) (آية 27-سورة
يونس).
والصلاح أن يعرف العبد خالقه، ومن لم يعرف
خالقه فعداده في الأشقياء، ومعرفة الخالق إنما تستلزم معرفة النفس، ومعرفة النفس
هي أن تبصر أنوار الله تعالى الكائنة في دواخلنا.