Topics
(( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن
يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ))(آية 185 سورة الأعراف).
فهذا الفضاء الأزرق تعوم فيه وتسبح شموس كثيرة
حجمها أكبر من شمسنا بأضعاف مضاعفة، وشمسنا إنما موقفها من بين الأنظمة الشمسية
العديدة في الكون كمجرد ذرة صغيرة، ومع كل ذلك فقد فرض الله تعالى حكم الإنسان على
كل هذه الأكوان.
(( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ))(آية 70 سورة
الإسراء).
وكل المخلوقات في هذا العالم المتغير تشكل
فيما بينها رابطة إخاء، فما من سيارة أو فرد
من الأنواع الحية فيه إلا ويجري في عروقه دم
واحد وبرزوا على منصة الوجود بصيغة واحدة، فالبحار والجبال والشمس والنجوم كلها
ترتبط بالإنسان في أخوة.
قال الله تعالى :(( وَهُوَ الَّذِيَ
أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ )) (آية 98 سورة الأنعام).
ولن يدعى رجل يملك أدنى حظ من الوعي أن هذا
الكون إنما برز بمجرد الصدفة، فهل بالإمكان أن يغير النهر مجراه الطبيعي فيسيل من
الأسفل إلى الأعلى؟وهل شاهدتم شلالا يتجه إلى الأعلى بدلا من أن ينصب إلى الأسفل؟
ولقد دأبنا على أن نتفكه بالثمار ونحصل على
الدقيق من القمح، فهلا حركنا الخلايا المنتجة للمعرفة والبصيرة، المركبة بالدماغ
فتفكرنا في أن كل بذرة إنما هي بيت حصين لأفراد أسرتها وهذا البيت المصغر يحتوي
على كل دقيق وجليل من تفاصيل هذه الأسرة وتصميم هذا البيت وجوانبه، وأبعاده وكذلك
بيانات الأوراق والثمار والأزهار والأغصان، فهذه البذرة الصغيرة تتحول إلى شجرة
باسقة بمساعدة الهواء والماء وضوء الشمس، فكما أن كل بذرة تحتفظ بكافة تفاصيل
الشجرة مهما دقت أو جلت وحتى تفاصيل أجيالها القادمة خلال الفترات الآتية من الزمن
فكذلك كافة برامج هذا الكون ماضيا وحالا ومستقبلا هي مسجلة عند الله تعالى يديرها
كيفما يشاء، ولقد قال الله تعالى:(( وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ
ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا
أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ))(آية 61 سورة يونس).
وإذا شاهدنا ما حولنا وحوالينا أدركنا أن هناك
قوة تقدر على إبقاء كل شيء نابضا بالحياة والحركة، وأن على كل شيء هالة تقيم الجسم
في اتزان منسق، وهذه الهالة خضراء في مكان وحمراء في آخر أو لها لون آخر، وهذه
الهالة إنما تعلوها هالة أخرى خارجة عن التلوين، ومع أن هذه القوة الغيبية لا تنفذ
إليها أبصارنا لكنها موجودة بدون شك ولا ريب، فقد وصف الله تعالى نفسه قائلا:((
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ
نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ
عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ))(آية 255 سورة البقرة).
وقال أيضا:(( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ، وَجَعَلْنَا
فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا
لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ،وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ
آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ،وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ))(آيات 30- 33 سورة الأنبياء).