Topics
كان لنوح عليه السلام أربعة أبناء. وكان أولهم "يام"
الذي كان قد غرق في طوفان نوح لأجل كفره و عصيانه و تمرده ، و قد انتشر كثير من
الأقوام من البقية الثلاثة في العالم و هم
"سام" و "حام" و "يافث" . وكان إرم هو ابن سام و جد
عاد. و اشتهرت أولاده باسم قوم عاد.
أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن
رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ
وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي
الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ
فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٦٩﴾ (سورة الأعراف)
و هم كانو يسكنون في اليمن ثم هاجروا إلى سيريا و مصر و مكثوا
في أرض الأحقاف التي كانت تقع في شمال حضرموت و في شرقها كانت دولة عمان. و الأحقاف عبارة عن مجموعة مختلفة للرمال و قد
أصبحت هذه المنطقة التي تحيط مأت أميال قد عادت إلى صحراء قاحلة و إذا تهب العاصفة
تطير الرمال كالجبال ، وكانت هذه المنطقة خصبة خضراء قبل الألاف من السنين.
و هذه الصحراء تقع على بعد ألف ذراع في منخفضة الأرض. و فيها
بعض القطعات البيضاء لو يسقط فيها شيء يغيب مباشرة و رمال هذه المنطقة مثل
المسحوقة الدقيقة ، و في عام 1843 م و لما و رمى أحد من الباحثين شاقولا إلى صحراء
الرمل فمازال يخسف في الرمال لخمس دقائق و احترق جانب الحبل الذي كان الشاقول
مربوطا به.
كان قوم عاد أطول القامة و أضخم البدن. و كان الله تعالى أعطاهم
أعظم قوة بدنية ، و كان لهم وافر المال و كثرة الثروة لأجل منطقتهم كانت خضراء
خصبة ، و كانوا مترفين رغدا في العيش و كان لهم يد طولى في فن البناء فكانوا يبنون
أبنية عالية مرتفعة تذكارية و ليس لهم مثيل في العالم في ذلك الوقت و كأول لبنة
للثقافة القديمة حكموا بلاد جنوب شرق
العرب و لما استولوا دولة مصر كان ملكهم شداد بن عاد.
والعرب يذكرونهم أنهم أمم باذدة.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ
بِعَادٍ ﴿٦﴾ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧﴾ (سورة الفجر)
و قوم نوح كان قد جعلوا
أمراء و و ملوكا في الأرض ولكنهم بعد مرور من الزمن قد ضلوا و اختاروا عبادة
الأصنام كما أصبحت عبادة النجوم جزء من
عقائدهم و إيمانهم و كان قد جعلهم كثرة
النعم مغرورين و متكبرين و أصبحت قلوبهم سوداء لأجل الكفر و الشرك و سلبوا قوة
التفكير و كان الشيطان قد أغفلهم من الله بحد أنهم كانوا قد جعلوا أصناما مختلفة
لكل شي فكان للمطر صنم، و لنعمة الصحة صنم و للحصول على الأولاد صنم. و هذا القوم
كان يعبد نفس الأصنام التي كان قوم نوح يعبدها و جميع الناس اشتغلوا بأمور أقضت
على الإنسان مضاجعه.
و لما كانت الظلمة قد
أحاطت العالم كلها و انتشر الفساد في جميع أنحائه قد رحم الله الإنسانية و بعث
نبيه هودا إلى عاد.
وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ
قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۚ
أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٦٥﴾ (سورة
الأعراف)
و كان هود عليه السلام
يمتلك الصفات النبوية من صباه و كان يتنفر من الأصنام و يخالف الظلم و الجور و يتقدم في حماية المظلومين و البائسين
و كان الحلم من أوصافه الممتازه و لما كان يسأم مما يحيط البيئة من الآثام و
الذنوب يذهب إلى خارج القرية و يتفكر في الكون و آياته و لما تجلى شعوره و إحساسه
و بدأ يظهر على قلبه أمور الغيب فأتى إليه جبريل و بشره بالنبوة.
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ
قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ (سورة الأحقاف : 21 ﴾
إنه أعلن:
"أنه لا إله الله
الذي بعثني إليكم نبيا لكي أهديكم إلى صراط مستقيم اتقوا الله و أطيعوني و كيف تكون الأصنام التي
صنعتموها بيدكم آلهة لكم و إن النجوم القمر التي تضي الليالي المظلمة تابعة لأمر
الله تعالى فكيف تكون لهم اختيار و سلطة على أعمالكم و أفعالكم و إنكم قد وقعتم في
الضلالة و ليس لكم برهان على الشرك الذي ترتكبونه . و يا أيها الناس اشكروا نعم
الله تعالى و إن لم تتركوا الكبر و السمعة و الرياء و لم تشكروا الله تعالى
فاذكروا أن بظش ربكم لشديد."
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّـهَ
وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ۖ
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿
سورة الأعراف 70)
قال هود عليه السلام:
أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ
سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ
فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ﴿سورة الأعراف 71﴾
و سادة القوم قد أنكروا و
لم يطيعوه و قالوا:
و إنا لنظنك من الكاذبين و
إنك لن تبعدنا من آلهتنا و إننا لا نترك ما وجدنا عليه آبائنا فإتنا بما تعدنا من عذاب ربك إن كنت من
الصادقين.
قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ
لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ ﴿١٣٦﴾ (سورة
الشعراء)
إِنْ هَـٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣٧﴾ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿١٣٨﴾ (سورة
الشعراء)
أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا
لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴿٦٨﴾ أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ
مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ ۚ (سورة الأعراف)
وقد وجه هود عليه السلام قومه إلى النعم
التي أنعم الله تعالى عليهم وقال:
"اذكروا من أعطاكم كل ما كنتم تريدون
من الأولاد و الحدائق و و الينابيع و رغم ذلك أنكم تشركون به من لايقدر على النفع
و الضرر و إنكم تبذلون المال و أعلى قدراتكم و مؤهلاتكم للحصول على الدنيا مع أنكم لستم في حاجة إلى
ذلك و إنكم قد استهدفتم القيام ببناء القصور الشامخة القائمة على الأعمدة بما أنكم
قد اعتقدتم أن الدينا هي هدفكم الأصلي الوحيد لم يبق أي طمأنينة في حياتكم."
و لما لم يترك القوم الضالون من عواقب الكبر
والتمرد و مازالوا يستعملون النعمة الإلهية في غير مقامها فقلت الوسائل الطبيعية و
وقف المطر و انتهت ذخائر الماء تحت الأرض و وقف جريان الينابيع و جفت مياه الآبار
و انقلبت الأرض الخصبة إلى الأرض القاحلة و الناس تهالكوا لأجل عام الجدب لمدة
ثلاث سنين.
و قال هود للناس:
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا
وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴿٥٢﴾ (سورة هود)
و كان قوم عاد زادوا ضلالة
و عميانا حتى أنكروا ترك آلهتهم الكاذبين و كذبوا النبي هودا عليه السلام و لما
اعتقد هود عليه السلام أن الله أتم حجته و الآن لا يمكن أن يهتدي القوم إلى صراط
مستقيم فأنذرهم :
"إني قد قمت بأداء
مسؤوليتي التي قد فرضها الله علي ولكنم مازلتم قائمين على الجحود والعصيان فاسمعوا
أن الله تعالى قادر على أن يهلكم بأعلى قوته و سطوته و يأتي بقوم آخرين بدلا منكم.
ولكن القوم المتمردين و
المغرورين لم يسمعوه شيأ:
قال الله تعالى:
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي
وَنُذُرِ ﴿١٨﴾ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ
نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ﴿١٩﴾ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴿٢٠﴾ (سورة القمر)
نزل عذاب الله تعالى بشكل
السُحب . و لما رأى قوم عاد الغيوم المظلمة إلى الأحقاف أصبحوا فرحين مسرورين و
ظنوا أن المطر سينزل غزيرا و تصبح الحقول والميادين خصبة خضراء و لكن لم يكن شيء
منها بل و هبت الريح العاصفة التي قلعت
الأشجار من جزورها و القصور من أسسها و رمت بها إلى الصحراء فانتثرت في الفضاء و
تهدمت البيوت الواسعة و طارت سقوف القصور العالية المرتفعة وسقطت الجدران و تزلزل
البنيان و انمحت الأثار و العلامات. و الأجسام الإنسانية كانت تُقفَزُ كالكرة في
الفضاء لأجل الهواء العنيف ثم يصرعها على الأرض ثم يطير بها أخرى و يصرعها على
الأرض و أدى ذلك إلى الوجع الشديد في أبدانهم كما أن اللحوم انفصلت عن العظام و
سرى الكرب و الأذى في أقصى عظامهم حتى سقطوا على الأرض كأعجاز نخل خاوية و صاروا
أخيرا غبارا للأرض.
قال تعالى عن هلاكهم و
وبارهم:
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
عَاتِيَةٍ ﴿٦﴾ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ
حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ
خَاوِيَةٍ ﴿٧﴾ فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴿٨﴾ (سورة الحاقة
6 – 8)
وأيضا قال تعالى:
أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ
أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴿٦٠﴾ (سورة هود – 60)
هذا ، و قد ذكر الله تعالى
كل ما جرى بين هود و قومه عندما كان يبلغ إليهم رسالة ربه على طرز المحادثة في
القرآن الكريم فيما يلى من الآيات الكريمة من سورة الأعراف:
وإلى عاد أخاهم هودا قال
يا قوم اعبدوا اللـه ما لكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في
سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم
ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين
أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين
أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم
خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء اللـه لعلكم تفلحون قالوا أجئتنا لنعبد اللـه وحده ونذر ما كان
يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين
قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم
وآباؤكم ما نزل اللـه بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر
الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين
(سورة الأعراف 65 – 72)
ذكر القرآن الكريم عصيان و
طغيان قوم هود فيما يلى من الآيات:
قالوا يا هود ما جئتنا
ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين ، إن نقول إلا اعتراك
بعض آلهتنا بسوء. (سورة هود: 53- 54)
قال (هود) إني أشهد اللـه
واشهدوا أني بريء مما تشركون ﴿٥٤﴾
من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون ﴿٥٥﴾
إني توكلت على اللـه ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط
مستقيم ﴿٥٦﴾
فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه
شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ﴿٥٧﴾
ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ ﴿٥٨﴾
وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد ﴿٥٩﴾
وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد
قوم هود (سورة هود : 54 – 60)
ثم أنشأنا من بعدهم قرنا
آخرين ﴿٣١﴾
فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا اللـه ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ﴿٣٢﴾
وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة
الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ﴿٣٣﴾
ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ﴿٣٤﴾
أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون ﴿٣٥﴾
هيهات هيهات لما توعدون ﴿٣٦﴾
إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ﴿٣٧﴾
إن هو إلا رجل افترى على اللـه كذبا وما نحن له بمؤمنين. (سورة المؤمنون : 31 – 38)
ولما لم يؤمن القوم و
كذبوه فدعا الله عليهم و قال:
قال رب انصرني بما كذبون
(سورة المؤمنون: 39)
فاستجاب دعائه الرب الكريم
و قال:
قال عما قليل ليصبحن
نادمين ﴿٤٠﴾
فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين. (سورة المؤمنون: 40 –
41)
(ولما ) كذبت عاد المرسلين
﴿١٢٣﴾
إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون:
" إني لكم رسول أمين
﴿١٢٥﴾
فاتقوا اللـه وأطيعون ﴿١٢٦﴾
وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ﴿١٢٧﴾
أتبنون بكل ريع آية تعبثون ﴿١٢٨﴾
وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ﴿١٢٩﴾
وإذا بطشتم بطشتم جبارين ﴿١٣٠﴾
فاتقوا اللـه وأطيعون ﴿١٣١﴾
واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون ﴿١٣٢﴾
أمدكم بأنعام وبنين ﴿١٣٣﴾
وجنات وعيون ﴿١٣٤﴾
إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"
"قالوا:-
سواء علينا أوعظت أم لم
تكن من الواعظين ﴿١٣٦﴾
إن هذا إلا خلق الأولين ﴿١٣٧﴾
وما نحن بمعذبين ﴿١٣٨﴾
فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ﴿١٣٩﴾
وإن ربك لهو العزيز الرحيم." سورة الشعراء :123 – 140)
وقال تعالى عن عاد و
استكارهم:
فأما عاد فاستكبروا في
الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن اللـه الذي خلقهم هو أشد
منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ﴿١٥﴾
فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا
ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ﴿١٦﴾
(سورة فصلت: 15 – 16)
واذكر أخا عاد إذ أنذر
قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا اللـه إني أخاف
عليكم عذاب يوم عظيم ﴿٢١﴾
قالوا:
أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن
كنت من الصادقين ﴿٢٢﴾
قال:
إنما العلم عند اللـه
وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون ﴿٢٣﴾
فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح
فيها عذاب أليم ﴿٢٤﴾
تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين
﴿٢٥﴾
ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم
سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات اللـه وحاق بهم ما
كانوا به يستهزئون. (سورة الأحقاف : 21 – 26)
وقال تعالى:
وفي عاد إذ أرسلنا عليهم
الريح العقيم ﴿٤١﴾
ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ﴿٤٢﴾
(سورة الزاريات)
كذبت عاد فكيف كان عذابي
ونذر ﴿١٨﴾
إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر ﴿١٩﴾
تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ﴿٢٠﴾
فكيف كان عذابي ونذر ﴿٢١﴾
(سورة القمر)
وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر
عاتية ﴿٦﴾
سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل
خاوية ﴿٧﴾
فهل ترى لهم من باقية (سورة الحاقة)
ألم تر كيف فعل ربك بعاد
﴿٦﴾
إرم ذات العماد ﴿٧﴾
التي لم يخلق مثلها في البلاد ﴿٨﴾
(سورة الفجر)
كان شداد لديه المال الكثير و القوة
العسكرية و جميع وسائل العيش في الدنيا و
جعل ذلك كله متكبرا و مغرورا. فبنى الجنة في عهد سيدنا هود عليه السلام.
وكان نسران ينشران عضديهما على عرشه الذي
كان مرصعا بالذهب و الفضة .
و لما عم خبر دعوة هود عليه السلام أخبره بها كبراء سلطنته فدعا ه شداد إلى البلاط
الملكي ولما عرض عليه هود عليه السلام الدعوة إلى الله تعالى بين رؤساء المملكة و
كبراء السلطة سأل هودا عليه السلام :
"ماينفعني
لو أطيع أمرك و أسلم دعوتك؟"
قال هود عليه السلام :
"يغفر لك الله عن ذنوبك و يعطيك جنات
النعيم ويسعد ك الله بألطافه و نعمه"
ثم بين هود عليه السلام كوائف الجنة و ما
فيها من النعم الخالدة.
قال شداد:
"أنا
أقدر على أن أبني جنة تعدني و لست في حاجة إلى جنة ربك"
و لإثبات دعواه استخدم كل ما أعطاه الله
تعالى من الوسائل و الأسباب و بنى جنة لا مثيل لها في العالم و كان قد جمع فيها ما
كان قد سمع عن الجنة التي وعدها هود عليه
السلام بشرط أن يؤمن بالله تعالى و يعمل صالحا.
و يذكر أن هذه الجنة كانت تقع بين صنعاء و
حضرموت و تساوي في طولها وعرضها مدينة كبيرة كانت فيها القصور و الأبينة الشامخة و
الينابيع و الأنهار و الحدائق. و كانت اسمها "إرم". ولما تم عمل بناء
الجنة و تزئينها وصل إليها لرؤيتها مع رؤسائه و أمرائه وفيما هو بين ذلك إذ اأظلمت
الأرض و هبت الريح و هلك شداد و لم يستطع على أن يرى جنته التي قام ببنائها و
تعميرها و تزئينها.
يروى :
"أن شداد دعا الله تعالى :
"يا الله أنت تعلم حقا أنني لست برب و لا إله. سبحانك و بحمدك، ولكني
قد ادعيت أنني هو الرب الأعلى و إنك يا ربي قد شرفتني بكثير من النعم اقبل دعائي و
حاجتي بأن أموت ولست قائما و لا قاعدا و لاراكبا و لانائما ولا ياقظا ولست تحت
السقف ولا فوق المركب ولست على الأرض ولا في السماء"
و حصيلة الكلام أن شداد قد ابتهل إلى
الله في دعائه و سأله كل ما يمكن أن ينجيه
من الموت و قبل الله تعالى دعائه ولما قرب إلى جنته لرؤيتها و كان راكبا على فرسه
فوقف فرسه أمام الجنة و لما لم توجد أي حيلة للدخول فيها قد شاور أصحاب الشؤون
الإدارية للجنة و أنزلوه من الفرس و بينما كانت إحدى رجليه في الركاب و والأخرى في
يد العبد قد قبض على روحه ملك الموت و بعد أن مات شداد التجأ ملك الموت إلى الله
تعالى و قال:
سأل الله عزائيل عليه السلام:
"هل تعرف من هو ؟ أنظر إلى
الأرض.!"
رأى عزرائيل عليه السلام أن جماعة من قطاع
البحر تقاتل على سفينة في البحر و بينما هو كذلك إذ أمر الله تعالى عزائيل:
"
أن يلقي طفلا رضيعا على قطعة خشب و يدعها تسيل في البحر"
قال الله تعالى:
"هذا هو الطفل الذي ادعى الآن الألوهية
و الربوبية و قام ببناء الجنة الفانية ضد جتني الدائمة. رغم أننا حفظناه من جميع
الآفات و البليات في محيط البحر و نجيناه منه و أعطيناه مختلف الوسائل و شرفناه
بالمملكة و رغم ذلك أنه لم يشكرني بل كفرني واستعلى و ادعى الألوهية."
كان هود عليه السلام عاش لأربع مأة و أربع و
ستين سنة. و وفقا للروايات المختلفة أن ضريحه يقع في وادي برهوت قرب المدينة
القديمة للمنطقة الشرقية لحضرموت.
و يروى عن علي رضي الله عنه أن ضريحه على
ربوة حمراء في حضرموت و في جهة اليسار من ضريحه هناك شجرة الأثل.
الإعصار عاصفة أو طوفان. تهب الريح فيه
بسرعة ثلاث مأة أميال في ساعة واحدة و والهواء الذي يجري في جهة واحدة فيها يجري
بسرعة خمسين ميلا في ساعة واحدة. و هذه العواصف تهب بأقصى شدة حتى تطير بسقوف
الأبينة و ترمي بالقصور العالية إلى بعد أميال كما تذهب الحيوانات كبيرة الجثث
كالجواميس و البقر تذهب أدراج الرياح.
و تتحرك الأحجار في مثل هذا الطوفان بسرعة
صاروخ و يفنى كل شيء يأتي في طريقه و تهلك الحيوانات فيه و كثيراما تكون الأمطارفي
مثل هذه العواصف مما تؤدي إلى أن يصير التراب وحلا كما أن بعض العواصف تهب مع
الرعد والبرق و يكون البرق شديدا حتى تنهدم القصور الفخمة ، و تسقط الأشجار الطويلة القوية على الأرض و
إنه يقال بأن البرق يلمع حوالي خمسين مرة إلى مأة مرة في إعصار واحد و وميض البرق
ربما ينشأ في السحب و تنكسر مباشرة و مدة وميض البرق كثيرا ما تكون لثواني فقط كما أن مدة الوميض
الأكبر لا يستقر إلا لثماني ثواني و عرضه يساوي إصبعا ولكن طوله يصل إلى أميال
والإعصار المتوسط حجما له طاقة لقنبلة ذرية
و يحتوي وميض البرق قدرا كبيرا من الكهرباء الذي يكفي مدينة لحاجتها إلى
الكهرباء خلال سنة كاملة.
و وميض واحد يمتلك ثلاثة آلاف إمبيرلتيار
كهربائي و جريانه ينتهي إلى 6000 فارن هارت
و ذلك أكثر من حرارة تخرج من الشمس و بما أن درجة الحرارة تكون أكثر ، تكون
سرعة الهواء أكثر من سرعة الصوت.
والمنطقة التي كان قوم عاد يسكنون بها ترتبط
باليمن في جهة و في عقبها صحراء ربع الظالي في جهة أخرى و مما ينتج بحث الباحثين
الأوربيين قد اكتشفوا كثيرا من الشهب الثاقبة في تلك المنطقة فإنه يقاس بأن:
كان فصل الشتاء لما
نزل العذاب على قوم عاد ، و سقط شهاب ثاقب كبير للغاية و كثير من الشهب
الثاقبة الصغيرة نزلت قرب أبنيتهم فشعر الناس بأقصى قوة للزلازل و بدأ يثور الغبار
و خرج الناس من بيوتهم إلى الميدان خوفا من أصوات الزلازل.
(و إذا يدخل الشهاب الثاقب في حدود الفضاء
تكثر سرعته بأقصى حد و لأجل الاحتكاك بالهواء في الفضاء يبدأ أن يحترق و كثيرا ما
أن الشهب الثاقبة لا تصل إلى الأرض بل تحترق في الفضاء و لا تصل إلى الأرض ولكن
أكبر الشهب الثاقبة تصل إلى الأرض و بسقوطها على الأرض يحدث انفجار شديد و تتزلزل
الأرض و ولا تبرد هذه الشهب الثاقبة الا بعد أيام عديدة )
وإذا كان الهواء حارا لشدة الحرارة في
الشهاب الثاقب وارتفع إلى السماء قل ضغطه على الأرض و كثر الخلاء فيها حتى يدخل في
الأرض بسرعة لملأ الفراغ الذي حدث لأجل الشهاب الثاقب و بما أن هذه الحادثة كانت
حدثت في فصل الشتاء هبت الرياح الباردة كثيرا و بما أن الشهاب الثاقب يستغرق أكثر من أسبوع للتبرد أن هذه الرياح قد
هبت لمدة سبعة أيام و ثماني ليالي.
و كان الناس من قوم عاد أكثر قوة أكبر جسما
و أطول قامة و لما خافوا و ذرعوا و أرادوا الدخول في بيوتهم خوفا من العاصفة و
الريح الصرالصر العاتية قد قذف الهواء بهم
على الأرض حتى صارت عظامهم كأعجاز نخل خاوية.
فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا
للقوم الظالمين (سورة مؤمنون : 41)
علم الله تعالى و كرامته و
قدرته ورحمته وغيرذلك منبع البصيرة لكل إنسان و إن الله هو الخالق و الحاكم و رب
العالمين. و نظام الموت والحياة يجري بحيث أن ذرة للأرض و جميع خلق الأرض و
والسموات تحت سيطرته و كل شيء يحتاج إليه و يخلق كل شيء بنفسه و يهيء له اسبابا و
وسائل كما أنه يحفظ الإنسان من مرحلة العلوق في الرحم إلى جميع مراحل الطفولة و
الشباب و الشيخوخة و الموت و هو يقي من المهالك و بنفسه يهب جميع الناس الحياة و يستر
العيب و يغفر عن الذنوب و لكن إذا يسعى أحد في مملكته فسادا و عنادا فيرسل إليه
عباده الكرام لهدايته أولا و يكرمهم بالنبوة و القرب ثم يجعلهم هداة مهديين بين
الناس لتبليغ رسالة الله و الدعوة إلى الصراط المستقيم و لكن إذا لايمتنع الناس عن
الأمور المنهية عنها يرسل إليهم رسلا ينذرونهم من العذاب و عاقبة العصيان والكفر.
و ما يروى عن شداد ليس له
سند في كتب الأحاديث و التواريخ الإسلامية مع أنه يتضح فيه ربوبية الله الكريم و
عظمته.
و هناك يطرح بعض الأسئلة
الهامة كيف المولود حديثا مكث في البحر
حيا و كيف نشأ و ترعرع قرب البحر و من أين
وجد الوسائل التي بلغته إلى درجة الملك و كيف أعد الجنود بنفسه؟ والجواب أنه هو
الله تعالى الذي حفظه و نجاه من البحر و أمواجه و الحوت و شرفه بالقدرة والطاقة
فادعى الألوهية و تمرد و بغى على الله تعالى مع كونه مقيما في مملكته فاستحق
العذاب الأليم.
خواجۃ شمس الدين عظيمي
لقد صدق من قال من كبار الناس إن كل إنسان لابد أن يكون له هدف
لحياته و إلا لايعد من الإنسان مع كونه من ذرية آدم. و مما يجدر بالذكر أن الله
عرف آدم بآدم نفسه و دعاه بكلمة آدم إلى
أن شرفه بعلوم صفاته و أسرار الكون فقال للملائكة بأن يخضعوا لحكمه. وإذا يذكر
الله تعالى التخليق في القراآن يأتي بأنواع من الأمثلة لتوضيح نظام التخليق كما
أنه يقول عن خلق الإنسان:
"ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (سورة التين )