Topics

سيدنا عيسى عليه السلام

كان هناك عابد وزاهد اسمه عمران يسكن في أرض فلسطين المقدسة بما كان يمتاز بالتقوى والزهد والعبادة يؤم الناس في الصلاة وكان زوجته حنة امرأة صالحة عابدة وكلاهما نالا القبول والإعجاب في بنى إسرائيل و كان يحبهما كل واحد منهم.

عمران وحنه كلاهما ينتميان إلى جيل سليمان و داؤود عليه السلام وكان عمران ليس له ولد رغم كان الزوجان يحبان أن يكون لهما ولد.

ذات مرة كانت حنة تتمشى في فناء دارها فرأت أن طائرة تغذي طفلته وما إن رأت ذلك إذ امتلت مشاعر الأمومية و رفعت أيديه إلى السماء ودعت الله تعالى:

"رب هب لي ولدا يكون قرة لأعيننا وفرحة لقلوبنا"

استجاب الله تعالى دعائها و شعرت بأنها حاملة ففر حت غاية الفرح حتى لم يملك على قلبها و شعورها و نذرت لله تعالى بأن تهب من تولده لخدمة الأقصى.

زوج حنة عمران

قبل أن تلد حنة ذكرا أو أنثى مات زوجها عمران ولكن بعد موته قد ولدت حنة أنثى ولكن لم تكن الابنة أقل أهمية لديها من الابن ولكن أحست كيف يمكن لها أن تفي نذرها.

ولكن الله تعالى قبل الأنثى نذرا لها وقال:

"فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا " (سورة آل عمران: 37)

سمت حنة الابنة "مريم". معنى مريم باللغة السريانية "الخادمة".

قل أطيعوا اللـه والر‌سول فإن تولوا فإن اللـه لا يحب الكافر‌ين ﴿٣٢﴾ إن اللـه اصطفى آدم ونوحا وآل إبر‌اهيم وآل عمر‌ان على العالمين ﴿٣٣﴾ ذر‌ية بعضها من بعض واللـه سميع عليم ﴿٣٤﴾ إذ قالت امر‌أت عمر‌ان ر‌ب إني نذر‌ت لك ما في بطني محر‌ر‌ا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ﴿٣٥﴾ فلما وضعتها قالت ر‌ب إني وضعتها أنثى واللـه أعلم بما وضعت وليس الذكر‌ كالأنثى وإني سميتها مر‌يم وإني أعيذها بك وذر‌يتها من الشيطان الر‌جيم ﴿٣٦﴾ فتقبلها ر‌بها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكر‌يا كلما دخل عليها زكر‌يا المحر‌اب وجد عندها ر‌زقا قال يا مر‌يم أنى لك هذا قالت هو من عند اللـه إن اللـه ير‌زق من يشاء بغير‌ حساب ﴿سورة آل عمران: 32 - ٣٧﴾.

لما بلغت مريم سن رشدها نشأ نزاع بين رجال المعبد وكان كل واحد منهم يحب أن تكون مريم لديه و يكون كفيلا لها فإنها كانت سبب عزة و شرف و مجد. ولكن بما كان زكريا عليه السلام زوجا لخالته وكان نبيا لله تعالى قد وكلت هذه الأمانة إليه و جعل كفيلا لها. فبنى زكريا حجرة لها قرب المعبد. كانت مريم تعبد الله في النهار و لما جن عليها الليل يذهب بها إلى بيته. كانت مريم تعبد و تؤدي الخدمات والمسؤوليات التي كانت نيطت إليها بأحس طريق.

رزق من غير حساب

كان زكريا عليها السلام يدخل في حجرة مريم عليها السلام أحيانا و عندما يدخلها يجد الثمار والفواكه موضوعة هناك من غير موسم ولا فصل لها. فمرة سألها:

"يا مر‌يم أنى لك هذا؟"

"قالت هو من عند اللـه إن اللـه ير‌زق من يشاء بغير‌ حساب."

فهم زكريا عليه السلام أن ذلك  من فضل الله الخاص على مريم عليها السلام و لما رأى الثمار في غير فصلها نشأ في قلبها رغبة بأن يدعو الله تعالى ولدا لأن من يعطي ثمارا من غير فصلها و موسمها يقدر حقا على أن يهبنى ولدا ولو كنت شيخا عجوزا و زوجتي عقيما. فرفع أيديه إلى السماء و دعت الله تعالى مبتهلا إليه مخلصا له بأن يهبه وليا وقبل ذلك الله تعالى.

قال الله تعالى في القرآن الكريم:

وكفلها زكر‌يا كلما دخل عليها زكر‌يا المحر‌اب وجد عندها ر‌زقا قال يا مر‌يم أنى لك هذا قالت هو من عند اللـه إن اللـه ير‌زق من يشاء بغير‌ حساب ﴿سورة آل عمران: ٣٧

الامرأة الكريمة

كانت مريم عليها السلام مازالت تشتغل بالأمور المقدسة المتعلقة بالمعبد و تعبد ربها ليلا ونهارا وكان زكريا عليه السلام متأثرا بها لأجل تقواها و ورعها غاية التأثر حتى رفع الله درجتها و بشرها عن طريق الملائكة بأنه اصطفاها وطهرها و اصطفاها على نساء العالمين.

قال تعالى:

وإذ قالت الملائكة يا مر‌يم إن اللـه اصطفاك وطهر‌ك واصطفاك على نساء العالمين ﴿٤٢﴾ يا مر‌يم اقنتي لر‌بك واسجدي وار‌كعي مع الر‌اكعين (سورة آل عمران : 42-43﴾

كان عيسى عليه السلام من الرسل أولى العزم الذين بشر الأنبياء بقدومه الميمون.

"وقال موسى عليه السلام إن الله قد أتى من جبل سينا و طلع عليهم من جبال ساعير و انكشف و أشرق من جبال فاران."

(باب 33: آية 20)

و يذكر في صحيفة اليسع عليه السلام:

"أنظر أني أرسل إليكم رسولي يهديكم و ينادي مناد من الصحراء أن أعدوا طريقا لله تعالى و استقيموا إلى صراطه."

إنجيل متى

وفي إنجيل متى:

"لما ولد يسوع في بيت اللحم رأى أن المجوس أتوا قائلين "أين ملك اليهود الذي ولد؟" لما سمع ذلك ملك هيروديس و جميع من كانوا في فلسطين فزعوا و جمع ملك هيروديس الكهنة والفقهاء وسألهم أين يولد المسيح عليه السلام؟"

قالو له في بيت اللحم ليهودية لأنه كتب عن طريق النبي اليسع عليه السلام:

"يا بيت اللحم سوى يهوداه: "أنك لست أصغر من ولاة يهوداه لأن سيدا سيخرج منك يرعى أمتي بني إسرائيل."

والقرآن أيضا جعل قصص زكريا ويحي عليهما السلام تمهيدا لبعثة عيسى عليه السلام و جعلهما مبشرين لعيسى عليه السلام:

فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحر‌اب أن اللـه يبشر‌ك بيحيى مصدقا بكلمة من اللـه وسيدا وحصور‌ا ونبيا من الصالحين ﴿سورة آل عمران: ٣٩

ملك الله

كانت مريم العابدة والزاهدة تبقى في حجرتها متوجهة إلى الله تعالى و لاتخرج منها إلا لحاجة شديدة.

ذات مرة كانت جالسة وحيدة و بعيدة من أعين الناس في ناحية شرقية لمسجد الأقصى لحاجة إذ ظهر ملك الله تعالى في صورة الرجل ولما رأئت مريم الرجل ولم تكن هي مستورة فزعت و جعلت تقول:

"إني أعوذ بالر‌حمن منك إن كنت تقيا ﴿سورة مريم: ١٨﴾"

قال الملك:

" إنما أنا ر‌سول ر‌بك لأهب لك غلاما زكيا (سورة مريم: 19)

لما سمعت مريم ذلك بدأت تقول متعجبة:

 "أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر‌ ولم أك بغيا ﴿سورة مريم :٢٠

قال الملك:

 قال كذلك قال ر‌بك هو علي هين ولنجعله آية للناس ور‌حمة منا وكان أمر‌ا مقضيا ﴿٢١

قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ﴿سورة مريم: ١٩

وقال في موضع آخر:

 إذ قالت الملائكة يا مريم إن اللـه يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ﴿٤٥﴾ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴿٤٦ قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ۖ قال كذلك اللـه يخلق ما يشاء ۚ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴿٤٧ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ﴿٤٨ ورسولا إلى بني إسرائيل. (سورة آل عمران: 45-49)

وذكر الله تعالى هذه الوقائع والقصص التي حدثت مع مريم في أسلوبه المعجز:

 وإذ قالت الملائكة يا مريم إن اللـه اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ﴿٤٢ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ﴿٤٣ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ۚ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ﴿٤٤ إذ قالت الملائكة يا مريم إن اللـه يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ﴿٤٥﴾ ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ﴿٤٦ قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ۖ قال كذلك اللـه يخلق ما يشاء ۚ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴿٤٧ ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ﴿٤٨ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ۖ أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللـه ۖ وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللـه ۖ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ۚ إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ﴿٤٩﴾  (سورة آل عمران: 42- 49)

و أضاف القرآن قائلا في موضع آخر:

واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ﴿١٦﴾فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ﴿١٧ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ﴿١٨﴾قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ﴿١٩ قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ﴿٢٠ قال كذلك قال ربك هو علي هين ۖ ولنجعله آية للناس ورحمة منا ۚ وكان أمرا مقضيا ﴿٢١

و بما تقتضى الفطرة البشرية في هذه الأحوال أن مريم أيضا أصيب بمثل ذلك و اشتد ذلك عندما انتهت مدة الحمل و قرب وقت الولادة فتفكرت أن الناس لايعرفون حقيقة الأمر ولو وقعت الولادة لكانت أمرا للفضحية والخذلان لذا يناسب لي أن أذهب إلى مكان بعيد.

وصلت إلى أطم لجبل ساعير يقع على 9 ميلا من بيت المقدس و يشتهر الآن ببيت اللحم. وبعد بضعة أيام بدأ وجع الولادة و لما اشتد الوجع اتكأت بشجر من التمر و جعلت تقول حزينة متفكرة في الأوضاع المقبلة:

"يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " (سورة مريم: 23)

لاتحزني يا مريم

فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ﴿٢٤ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ﴿٢٥﴾ فكلي واشربي وقري عينا ۖ فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ﴿سورة مريم : 24- ٢٦

كانت مريم خافت بما حدثت معها من عجائب الأمور و ولادة الطفل ولكن كل ذلك قد زال من نداء الملك الذي آتى من تحتها ولكن رغم ذلك كانت تتفكر كيف يمكن له أن تطمئن الناس وكيف تزول حيرتهم فإنها قد ولدت من غير الأب فهناك كانت حاجة تمس إلى معجزة تسكت الناس و توضح عليهم قدرة الله الكاملة لذا أرسل رسولا إليها وقال:

إذا سألك أحد عن ذلك فلا تجيبي و قولى إشارة أنك صائمة فلا تتكلم و من يحب أن يعرف شيأ عن هذا الأمر العجيب فليسأل الطفل إن ربك عليم قدرير و يظهر قدرته الكاملة و يزيل حيرته و يجعل القلوب مطمئة.

كما قال تعالى:

فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ﴿٢٦

لقد اطمنئن قلبها بوحي الله تعالى فأخذت الطفل في مهدها و رجعت إلى بيت المقدس ولما وصلت إلى المدينة  احتشد الناس حولها وجعلوا يقولون:

"قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ﴿٢٧ يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ﴿سورة مريم: 27- ٢٨﴾"

و امتثالا لأمر الله تعالى أن مريم أشارت إلى الطفل:

"اسألوه و إنى صمت اليوم فلن أكلم اليوم أنسيا"

استعجب الناس وقالوا:

"كيف نكلم من كان في المهد صبيا" 

فتكلم الطفل مباشرة وقال:

(قال) "إني عبد اللـه آتاني الكتاب وجعلني نبيا ﴿٣٠ وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ﴿٣١ وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ﴿٣٢ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ﴿سورة مريم :  30- ٣٣﴾"

لقد ذكر القرآن الكريم قصة مريم عليها السلام حسب ما يلي في مواضع متعددة:

والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ﴿سورة الأنبياء: ٩١ 

 ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ﴿سورة التحريم:  12 ﴾

 فحملته فانتبذت به مكانا قصيا ﴿٢٢﴾فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ﴿٢٣ فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ﴿٢٤ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ﴿٢٥﴾ فكلي واشربي وقري عينا ۖ فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ﴿٢٦ فأتت به قومها تحمله ۖ قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا ﴿٢٧ يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ﴿٢٨ فأشارت إليه ۖقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ﴿٢٩ قال إني عبد اللـه آتاني الكتاب وجعلني نبيا ﴿٣٠ وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ﴿٣١ وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ﴿٣٢ والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ﴿٣٣ 

لما سمع بنوإسرائيل الكلام البليغ من صبي كان في المهد تعجبوا و تيقنوا أن مريم تتبرأ من كل سوء و ولادة الطفل هي أية من آيات الله تعالى ، اشتهرت هذه المعجزة في المدينة فآمن من آمن وكفر من كفر.

و ومازال يحافظ الله الطفل و يقيه من شرور الناس لكي يحي قلوب بنى إسرائيل الميتة.

وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ﴿سورة المؤمنون :٥٠

الكوكب الجديد

لما ولد عيسى سمع الناس ورؤوا أشياء متعددة أخبرتهم بحدوث شيء مهم أو قدوم إنسان عظيم. فإن ملك فارس رأى كوكبا جديدا في السماء وسأل الكهنة في بلاطه فقالوا إن طلوع مثل هذا الكوكب الجديد ينبئنا ولادة إنسان عظيم في العالم و قد ولد ذلك في بلاد سيريا. و ما سمع ذلك الملك إذ فرح غاية الفرح و أرسل نخبة من الناس مع الهدايا الثمينة إلى بلاد سيريا لكي يفتشوا عن ولادة الطفل ، وصل الوفد إلى سيريا و سأل اليهود أن يخبروهم عن الطفل الذي ولد حاليا و الذي سوف يكون ملكا للأمور الروحية. لما سمع اليهود هذه الكلمات من الوفد أخبروا ملكهم هيرديس ، دعاهم هيروديس إلى البلاط و سألهم عن هدف قدومهم إلى بلادهم ولما عرف أنهم أتوا لأجل ولادة عيسى خاف ودهش ولكن أذن لهم بالتفتيش و جمع المعلومات عن الطفل. لقى الوفد الطفل و سجدوا له تعظيما حسب تقاليدهم و أقاموا بضعة أيام في القدس وحال قيامهم في القدس رأى بعض الناس في المنام أن ملك هيروديس أصبح عدوا لعيسى فأخبروا مريم عن الرؤيا وقالوا إن الملك لايريد خيرا تجاه الطفل السعيد المقدس لذا يناسب لك أن تذهب به إلى فارس.

أتت مريم عليها السلام إلى أقربائها في مصر و غادرت من هناك إلى ناصره ولما بلغ عيسى ثلاثة عشر من عمره رجعت إلى بيت المقدس.

كتاب البخاري

و في حديث المعراج المذكور في البخاري روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" وَلَقِيتُ عِيسَى فَنَعَتَهُ رَبْعَةً أَحْمَرَ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ يَعْنِي الْحَمَّامَ" (حديث مرفوع عن سعيد بن مسيب عن أبي هريرة)

قبل أن بعث عيسى كان اليهود غرقوا في بحر الظلام لتقاليد الشرك. وبدلو الأقدار الخلقية و أصبح البغض والحسد جزءا لعاداتهم و جعلوا يفخرون بما قاموا به من أسوء الأمور وقتلوا الأنبياء والهداة المرسلين من الله تعالى و حرفوا التوراة لكي يحصلوا على المال من الناس و أحلوا الحرام وحرموا الحلال.

التمرد

لما تجاوز تمرد بنى إسرائيل و كفرهم عن الحد ولد عيسى.

قال تعالى:

ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ۖ وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ۗ أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون﴿٨٧ وقالوا قلوبنا غلف ۚ بل لعنهم اللـه بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ﴿سورة البقرة : 87- ٨٨

وقال تعالى:

 ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ۚ وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا اللـه وأطيعون ﴿٥٠ إن اللـه ربي وربكم فاعبدوه ۗ هذا صراط مستقيم ﴿٥١  فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى اللـه ۖ قال الحواريون نحن أنصار اللـه آمنا باللـه واشهد بأنا مسلمون ﴿سورة آل عمران : 50- ٥٢

كان أصحاب عييسى عليه السلام مخلصين له راسخين في الإيمان ولكنهم ساذجين فقراء قد سألوه أن يدعو لهم بأن ينزل الله تعالى مائدة من السماء لكي لايلجأوا إلى كسب الرزق و يفرغوا عنه و يشتغلوا بالعبادة و تبليغ رسالة الله تعالى فإن الله تعالى قادر على كل شيء كما أنه قد خلق عيسى أية من آياته من غير أب فلا يصعب عليه أن ينزل من السماء مائدة من الطعام.

قال تعالى:

"إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ۖ قال اتقوا اللـه إن كنتم مؤمنين ﴿سورة المائدة :١١٢ "

قال عيسى عليه السلام:

"لا شك أن الله قادر على كل شيء ولكن لايناسب أن تختبروه الرب الكريم و تُقَدِّروا قدرته لأجل راحتكم و عشيكم الرغيد فلا تتفكروا في ذلك شيأ"

قال الحواريون:

"ليس هدفنا أن نختبر الله تعالى ونقدر قوته الكاملة بل وإننا نريد تكون المائدة وسيلة لرزقنا و يكون الإيمان بالله تعالى راسخا في قلوبنا و نصدق رسالتكم الإلهية"

كما قال تعالى:

"قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ﴿سورة المائدة: ١١٣

لما رأى عيسى عليه السلام أنهم يصرون ويلحون على ما قالوا فرفع أيديه إلى السماء و دعا الله تعالى :

"قال عيسى ابن مريم اللـهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك ۖ وارزقنا وأنت خير الرازقين ﴿١١٤ قال اللـه إني منزلها عليكم ۖ فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴿سورة المائدة: 14-١١٥

مائدة النعمة

نزل الوحي إلى عيسى عليه السلام:

"قال اللـه إني منزلها عليكم ۖ فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴿سورة المائدة: ١١٥﴾"

و من المختصر أن الله تعالى استجاب دعاء عيسى عليه السلام ورأى الناس الملائكة نزلوا من السماء مع المائدة فصلى عيسى عليه السلام ركعتين شكرا لله تعالى و فتحت المائدة فإذا هي فيها الأخباز و الأثمار والأسماك المشوهة ولما فتحت المائدة شم الناس رائحة طيبة تعطرت بها نفسوهم. دعا عيسى عليه السلام الناس إلى الطعام قال الناس له أن يبتدأ فقال عيسى عليه السلام إنه ليس له و قدنزل من السماء على طلبكم فافتزع الناس و دهشوا ثم قال عيسى عليه السلام:

"ادعوا الفقراء والمساكين والمرضى و هذا هو حقهم"

فأكل آلاف من الناس ولكن لم ينشأ أي نقص في الطعام. و يقال إذا أكل المريض أصيح صحيحا و إذا أكل الفقير من المائدة أصبح غنيا ثم عادت المائدة إلى السماء ليلا والذين لم يأتوا أو حرموا من المائدة من أي سبب جعلوا يتأسفون بما فات عنهم من نعم الجنة ولكن رحمهم الله تعالى و أنزل المائدة في اليوم الآتي أيضا فأكل الناس شبعانين و شعروا لذة يحبون التلذذ بها واستمر ذلك أربعين يوما.

وكان هناك شرط لاستعمال المائدة أن لا يأكل منها إلا الفقراء والمساكين و منع الأثرياء من الأكل منها ولكن قد شق عليهم ذلك و خالفوا الأمر لكي يستفيدوا من نعمة الجنة فأذن الله تعالى جميع الناس للأكل من المائدة ولكن أكد لهم بأن لا يدخروا شيأ للغد ، فعمل الناس على ذلك لبضعة أيام ثم عصوا حتى انتهت سلسلة المائدة من السماء و تغيرت أشكال الذين عصوا الأمر الإلهي بالخنازير والقرد.

مازال عيسى عليه السلام يدعو الناس إلى الله تعالى و يحثهم على أن يختاروا الصدق و يجتنبوا عن الكذب و يؤمنوا بالله وحده لاشريك له و يصدقوا الأنبياء والرسل والإيمان بالآخرة و الملائكة والقضاء والقدر والكتب السماوية واختيار الأخلاق الحسنة و الاجتناب عن الاخلاق الرزيلة و منعهم من أن ينغسوا في الدنيا و يحبوها و لكنهم كانوا على ضلال من مآت من السنين جعلوا يخالفون الرسول عليه السلام و حوارييه و يكذبوهم إن كانت طبقة الفقراء تصدق عيسى عليه السلام على أساس الأخلاص والتدين وتسليم الحق في جانب، ففي جانب أخرى كانت طبقة الأثرياء تخالف و تكذب.

كان عيسى عليه السلام لم يتزوج ولم يبن بيتا له وكان يبلغ رسالة الله تعالى إلى الناس و يسافر من قرية إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة أخرى و ولم يزل يدعو الناس إلى الحق كانت قلوب الناس تسكن إليه كما يشفوا من الأمراض و كان الناس يزدحموا المكان الذي يمر به عيسى عليه السلام و يعربوا عن حبهم و شوقهم إليه.

وبما أن عيسى قد نال شرفا و قبولا من بين الخلائق جعل الناس يحسدونه و يؤامرون خلافه حتى قرروا بأن يشكوا إلى الملك يصلبوه.

"يا سمو الملك! إن هذا الرجل ليس خطر لنا فحسب وإنما هو خطر للدولة أيضا إذا لاتقوم بالإجرائات الفورية فلا يبقى دين آبائننا و يمكن أن لا تبقى بلادك أيضا. إنه أتى بالأعاجيب و أضل عامة الناس و جعلهم مطيعين له و هو يريد أن يكون ملكا لبنى إسرائيل قد ملك على شعور الناس و عقولهم و قام بالتحريف في الدين فلو لم تمنعه الآن لكانت الدولة تخرج من أيديك."

و بعد المناقشة الطويلة أذن بلاطس بأن يلقى القبض على عيسى و يقدم إلى البلاط الملكي. ففرح الكهنة و الرؤساء بما صدر الملك من الأمر و قرروا بأن يلقوا عليه القبض عندما كان وحيدا لكي لايواجهوا غضب الناس.

جميع الناس يؤمنون

"فإن الكهنة والرؤساء قد جمعوا رجال الحكومة وقالوا: إنه يأتي بالعجائب و يظهر المعجزات ولو نتركه لانعتني به ليؤمن الناس جميعا و الروم سوف تنزع بلادنا. وكان منهم كاهن و كان هو رئيس الكهنة فإنه قال موت واحد خير من هلاك الأمة كلها."

(انجيل يوحنا – باب 11 – آية 47-51)

لم يبق إلا يومان للاحتفال بعيد الفطر وكان الرئساء والكهنة و الفقهاء يبحثون عن فرصة للقبض عليه ولكن كانو يخافون غيظ عامة الناس. ولما شعر عيسى عليه السلام بكفرهم و إنكارهم ومؤامرتهم جمع الحواريين في مكان وقال لهم:

"ليس يخفى عليكم مؤامرة رؤساء بنى إسرائيل و كهنتهم والآن قد حان موعد تقديم أضحية أنفسكم فمن يكون مستعدا لذلك فقال الحوايون نحن أنصار الله آمنا بالله وكن يا رسول الله تعالى شاهدا بأننا مخلصين و ندعو الله تعالى بأننا قد آمنا بماأنزلت من كتابك و أطعنا رسولك. يا ربنا اكتبنا في قائمة الذين يضحون بأنفسهم ونفائسهم في سبيل الحق والصداقة والإخلاص."

لما حصل له الثقة و الاعتبار من قبل أصحابه انتظر ليرى النشاطات التي سيقوم بها أعدائه وأمرا ينزل الله تعالى له.

"ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين" (سورة آل عمران: 54)

ذات يوم وجد بنوإسرائيل الفرصة فحاصروه في بيت ولكن الله تعالى أعانه ونصره وبشره كما يلى:

إذ قال اللـه يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ۖ ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون  (سورة آل عمران: 55)

وما قتلوه وما صلبوه

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول اللـه وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ۚ وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ۚ ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ۚ وما قتلوه يقينا ﴿١٥٧ بل رفعه اللـه إليه ۚ وكان اللـه عزيزا حكيما﴿ سورة النساء : 157-158﴾ 

إنما بعثة الرسل والأنبياء تهدف إلى الرشد والخير والصلاح و لا يدَّعون أنهم يهدون الناس و يصلحونهم ولكنهم يشهدون أنهم وسيلة لإبلاغ رسالة الله تعالى فإنه هو الهادي. فإن الإبلاغ المبين مع البراهين والدلائل هو من واجبات الرسل والأنبياء.

أحيانا تظهر المعجزة من الرسل والأنبياء وهي تكون سندا لحكمة الله البالغة وقدرته الكاملة.

 يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ۖ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ۚ واللـه يعصمك من الناس ۗ إن اللـه لا يهدي القوم الكافرين ﴿ سورة المائدة : 67﴾ 

وهب الله تعالى أنبيائه ورسله المعجزات لتأئيد رسالته.

وقال الأنبياء صريحا : "إنما أنا نذير وبشير و رسول و نبي من الله. ولم يدع نبي أنه مامور بتصريف الكون وإنما قال كل نبي إنه يستطيع كذا بإذن الله تعالى و مشيته وإلا لا.

المعجزة

كان دواؤو و سليمان عليهما السلام قدأعطيا مغجزة فهم نطق الطيور وتسخير الهواء و الجن. وكان موسى عليه السلام قد أعطي تسع آيات منها أن العصا و اليد البيضاء هما أكبر العلامات و أعظمها وأهمها بالإضافة إلى غرق فرعون في بحر القلزم و نجاة بنى إسرائيل من آيات الله تعالى العظيمة. و معجزة إبراهيم عليه السلام أنه قد بقي سليما صحيحا بعد أن وقع في النار التي ارتفعت إلى السماء و جعلت بردا وسلاما لإبراهيم عليه السلام. و جعل الناقة آية لقوم صالح ولما لما ينته قوما هود ونوح و أصرا على المعاصي والكفر والشرك فأخبرهم الأنبياء بعذاب أليم نزل عليهم في نهاية الأمر. و قد ذكر القرآن عدة معجزات لعيسى عليه السلام و كان خاتم النبيين سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أعطي القرآن معجزة قد عجزت المعمورة كلها بالإتيان بمثلهما في الماضي وسوف لن تقدر في المستقبل إلى يوم القيامة. و نزلت الملائكة يوم غزوة بدر و نصرت المسلمين كما قال تعالى مخاطبا رسوله الحبيب بمناسبة ذلك "وما رميت إذا رميت ولكن الله رمى". فغلب المسلمون الذين لم يتجاوز عددهم ا 313 على الجنود المجندة للكافرين والمشركين الذين كانوا أكثر من الألف. و كان الرسول المصطفى أيضا أعطي معجزة شق القمر.

بيت من الذهب

وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ﴿٩٠ أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ﴿٩١ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي باللـه والملائكة قبيلا ﴿٩٢ أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ۗ قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ﴿ سورة بنى إسرائيل : 90-93﴾

ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون ﴿١٤ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ﴿ سورة الحجر: 14-15﴾

ومنهم من يستمع إليك ۖ وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ۚ وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ۚ حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ﴿ سورة الأنعام :25﴾

كان الأنبياء قد أعطوا المعجزات حسب أحوال زمانهم ومكانهم فإن عهد إبراهيم كان عهد ارتقاء علم النجوم (Astronomy) و علم الكيمياء (Chemistry)  وكان قومه يعتقد أن كل ما توفر لنا الشمس من النور الساطع والحرارة والأشياء الأخرى هي من ذاتها وليست من الله تعالى. لذلك كانوا يعتقدون أن الشمس أكبر الآلهة فإنها تملك النور والحرارة و هما عناصر ضرورية للحياة و فلاحها و كان الناس يرون أن النار هي مظهر الشمس لذا يعبدونها ولما خالف إبراهيم عليه السلام قومه و قدم البراهين والدلائل خلاف عبادة الأوثان وأقنعهم فلم يجدوا سبيلا إلا أن ألقوه في النار فألقوه ولكن الله تعالى قد جعلها بردا وسلاما له.

وكان الناس في زمن موسى عليه السلام يعرفون علوم السحر و كان لهم يد طولى في ذلك الفن لذلك أعطاه الله تعالى المعجزات مثل اليد البيضاء والعصاء  ولما أظهرها أتى بالأعاجيب و أدهش السحرة فإنهم صاحوا بأعلى أصواتهم أن هذه ليست هي السحر وإنما هي أكبر وأعلى من القوة الإنسانية.

علم الطبيعات

كان زمان عيسى عليه السلام زمان الطب و علوم الطبيعة. وكان طب يونان قد نال القبول والاعجاب في الدول العظمى. لما اختار الله تعالى عيسى للرشد والهداية شرفه بالحكمة وكتابه الإنجيل في جانب ، و في جانب آخر ووهبه معجزات أصبحت دليلا على الحق ولم يبق أي شك ولا حيلة لأولى الألبات من أن يختاروا الحق واهتدوا به.

ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ۖ أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللـه ۖ وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللـه ۖ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ۚ إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ﴿٤٩ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ۚ وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا اللـه وأطيعون ﴿٥٠ إن اللـه ربي وربكم فاعبدوه ۗ هذا صراط مستقيم ﴿سورة آل عمران: 48-٥١ 

العُمْيُ الخلْقِيُّون

إذ قال اللـه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا ۖ وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ۖ وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني ۖ وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني ۖ وإذ تخرج الموتى بإذني ۖ وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين ﴿سورة المائدة:١١٠

وإذا رأوا آية يستسخرون ﴿١٤ وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ﴿سورة الصافات: 14- ١٥ 

يذكر القرآن ثلاثة معجزات لعيسى المسيح عليه السلام.

1.      كان يحيى الموتى بإذن الله تعالى

2.      يجعل الأعمى الخلقي ذا بصارة و يشفى الجذامي

3.      كان يصنع الطيور من الطين ثم تجري فيها الحياة

4.      وكان عيسى عليه السلام أيضا يخبر بما أكله أحد وماأنفقه وما هو في بيته ، وما ادخر في بيته من الأشياء.

لما أظهر عيسى عليه السلام معجزات لإثبات أنه مبعوث من الله تعالى قال الناس له أن يخلق الخفاش فصنعه من التراب و نفخ فيه فإذا هو يطير ومن ميزات الخفاش أنه أحسن الطيور و أكملها و يمتاز في إثبات وجود الرب الكريم الواحد الذي لا شريك له من الطيور الأخرى لأجل صناعته وشكله فإنه يطير من غير جناح وله أسنان و هو يضحك و يلد و يرضع أولاده أيضا.

كان الجذام ولو كان الطب قد وصل إلى قمة الرقي و أوج الكمال داء مستحيل العلاج. و كان عيسى عليه السلام يذهب إلى مريض الجذام  فيبرأ و يكون صحيحا. وكل يوم كان يأتي إليه آلاف من المرضى و يرجعون صحيحين سالمين.

أصبح الميت في قبره حيا بعد ثلاثة أيام

روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عيسى عليه السلام أحيى أربعة رجال. وكان منهم عازر. و كان عازر ممن ولاه. لما أصيب بالمرض أصبحت حالته خطرة أرسلت أخته رسالة إلى عيسى عليه السلام وكان بيته على مسافة ثلاثة أيام لما وصل عيسى عليه السلام إلى بيتها كان قد مضى على موته ثلاثة أيام فقال لأخته بأن تذهب به إلى قبره و وصل إلى قبره ثم دعا الله تعالى عازر خرج من القبر و عاش لمدة ، تزوج و أنجب أولادا.

مرة كانت جنازة ابن عجوز مرت به. فابتهلت إليه العجوز:

"يا نبي الله كان لي ابن واحد ، أنت نبي الله تعالى من فضلك أحي ولدي"

دعا عيسى عليه السلام و صار الابن حيا.

ذات مرة ماتت جارية ثم دعا عيسى عليه السلام لها فحييت.

التمس الناس من عيسى عليه السلام أن يحي سام بن نوح الذي قد مضت على موته آلاف سنين فوصل إلى قبره و دعا الله تعالى فقام سام من قبره و ظن أن القيامة قد قامت فابيض نصف أشعار رأسه ثم آمن بعيسى عليه السلام و تضرع إليه أن لا يذوق سكرات الموت مرة أخرى.

إدارة الله تعالى

إن عيسى عليه السلام كان من الشخصيات المقربين إلى الله الذين يعدون كأعضاء النظام التكويني لله تعالى. قال عيسى عليه السلام:

"ولكن من يشرب من الماء الذي أعطي لايكون عطشانا إلى الأبد و الماء الذي أعطيه  سيكون عينا جارية للأبد"

(انجيل مقدس:  يوحنا : باب 4: آية : 15)

ولو ننظر في قوله لنعرف أن الماء هو الجزء الأساسي الذي تقوم عليه العناصر و جميع مراحل التخليق والأجزاء التركيبية للكون. والماء يعطي جميع الكون حياة جديدة كما أن الماء قد ذكر في القرآن و جميع الكتب الإلهية تحت تخليق الكون.

وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ۚ إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ﴿سورة الرعد: ٤

هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ﴿سورة الرعد: ١٢

يضرب الله الأمثال

 أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ۚ ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله ۚ كذلك يضرب اللـه الحق والباطل ۚ فأما الزبد فيذهب جفاء ۖ وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ۚكذلك يضرب اللـه الأمثال ﴿ سورة الرعد: 17﴾

وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ﴿ سورة الحجر:22﴾

هو الذي أنزل من السماء ماء ۖ لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ﴿ سورة النحل: 10 ﴾

آيات الله تعالى

ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ۗ إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ﴿سورة النحل: ٦٧ 

وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ۖ وإنا على ذهاب به لقادرون ﴿سورة المؤمنون: ١٨

وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ﴿ سورة المؤمنون: ٢٠ 

ألم تر أن اللـه يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ۖ يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ﴿سورة النور: ٤٣

قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ﴿سورة النمل: ٦٩ 

ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ﴿سورة الروم: ٤٦ 

جبال ذات ألوان مختلفة

اللـه الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله ۖ فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون﴿سورة الروم: 48﴾

أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم ۖ أفلا يبصرون ﴿سورة السجدة: ٢٧

ألم تر أن اللـه أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ۚ ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ﴿سورة الفاطر: ٢٧

ألم تر أن اللـه أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ۚ إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ﴿سورة الزمر: ٢١

بررزخ بين البحرين

مرج البحرين يلتقيان ﴿سورة الرحمن: ١٩

يرسل السماء عليكم مدرارا ﴿سورة نوح: ١١ 

ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ﴿سورة نوح: ١٢﴾

وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ﴿سورة المرسلات: ٢٧

وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ﴿سورة نبا: ١٤

لنخرج به حبا ونباتا ﴿ سورة نبا: ١٥

 وجنات ألفافا ﴿ سورة نبا: ١٦ 

أخرج منها ماءها ومرعاها ﴿سورة نازعات: ٣١

فلينظر الإنسان إلى طعامه ﴿سورة عبس: ٢٤ 

أنا صببنا الماء صبا ﴿سورة عبس: ٢٥

 فأنبتنا فيها حبا ﴿سورة عبس: ٢٧

 وحدائق غلبا ﴿ سورة عبس: ٣٠ 

متاعا لكم ولأنعامكم ﴿سورة عبس: ٣٢

خلق السماوات بغير عمد ترونها ۖوألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة ۚوأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ﴿سورة لقمان:١٠

عين الأنوار

قال عيسى عليه السلام: " أحب الله تعالى حبا قد أصبحت به عينا من عيون النور"

مآت الآلاف فلك في الكون

 اللـه نور السماوات والأرض ۚ مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ۖ المصباح في زجاجة ۖ الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ۚ نور على نور ۗ يهدي اللـه لنوره من يشاء ۚ ويضرب اللـه الأمثال للناس ۗ واللـه بكل شيء عليم ﴿سورة النور: ٣٥

ثلاثة علوم روحية

العلوم الروحية تشتمل على ثلاثة أبواب. الباب الأول يشتمل على أعمال الحياة الفردية و بنيتها و صيغ التخليقية والباب الثاني يشتمل على الصيغ التخليقية النوعية والباب الثالث يشتمل على تعريف الخالق الكريم الذي لا شريك له. الإنسان أو أي نوع من الكون أو أي فرد من أي نوع يحتاج إلى جهتين لقضاء حاجته في العالم الجهة الأولى نسميها اليقظة أما الأخرى فهي النوم.وفي القرآن الكريم قد ذكر الاثنان بألفاظ الليل والنهار و إذا ننظر في آيات الليل والنهار للقرآن لنعلم أن الحواس تبقى واحدة و إنما يحدث التغير فيها ولكن لاتزال حقيقتها فإن هذه الحواس إذا تدخل في نموذج النهار تكون نهارا و إذا تدخل في نموذج الليل تصبح نوما.

قال الله تعالى:

ألم تر أن اللـه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن اللـه بما تعملون خبير ﴿سورة لقمان: ٢٩

وقال تعالى:

وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ﴿سورة يس: ٣٧ 

و معنى ما ذكر أن الحواس الإنسانية تتغير إلى الليل والنهار مرة بعد أخرى وإذا تدخل في النهار تكون الحواس مقيدة و لكن إذا تدخل في الليل فلا يكون عليها قيد. وإذا نذكر علوم الغيب و عالم الغيب ففي الحقيقة نذكر حواس الليل.

وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ۚ وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ﴿سورة الأعراف: ١٤٢

و مما يجدر بالذكر أن أقام بجبل الطور أربعين يوما وليلة ولم يكن أنه أقام ليلا على الطور و نزل نهارا فمعناه أنه كان داخلا في حواس الليل أربعين يوما.

"سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"

انكشاف الغيب

معنى ما ذكر من الآية أن عالم الغيب قد انكشف على الرسول صلى الله عليه وسلم في حالة الليل و شرفه الله تعالى بقربه في حواس الليل.

كل علم سواء كان كسبيا أو حضوريا يقوم على التفكر. و بقدر ما يكثر البحث و التحقيق ـ تأتي الفلسفلة الجدية. و إن هذا هو السر الذي يختفي في  ارتقاء العلم و كل مفكر يصل إلى نتيجة بعد التفكر العميق و إلقاء النظر الغائر في الكون و مظاهره فأن من يأتي بعده يقتدي فكره و منهجه و يوسعه و يتفكر في الكون على نطاقه فيترقى العلم الطبيعي.  والقرآن الكريم قد علم الجيل الإنساني ما لم يعلم و حرضه على كسب العلم  وأتى بأمثلة عديدة في ذلك الصدد.

ويمكن تعريف كل علم أن يكون على وجهين. الأول هو الظاهري والثاني هو الباطني. و كل علم كالورق الذي يشتمل على صفحتين. و شعب العلم الحضوري أيضا كالورق فالصفحة الأولى ينعكس عليها التجلي ، و الصفحة الثانية تنقش عليها الرموز والأسرار و الصفحة الثالثة تحتوي على شرح الرموز والأسرار ، والصفحة الرابعة تشتمل على النقوش الكونية كما أن الصفحة الخامسة سجل الأحكام و الصفحة السادسة تحمل تفاصيل الأعمال.

و علوم جميع الكون مع التجلي واللوح و العرش والكرسي و عالم الأوراح و العرش والكرسي والسموات و عالم الناسوت والأعراف والحشر والنشر و يوم الحساب و الجنة والنار والأبد محفوظة في ثلاثة أوراق. و إذا شرف الله تعالى أحدا بعلوم هذه الأوراق فيكون العبد عبدا خاصا له.

الاستنساخ

سيدنا تاج الدين بابا ناغفوري هو  ممن شرفهم الله تعالى بالأمور التكوينية كسيدنا خضر عليه السلام.  و يُرْوَى من سبط السيد تاج الدين ناغ فوري سيدنا قلندر بابا أولياء رحمه الله:

"عندما كان الجد في حالة الاستغراق كانت أعينه تغض و كان حيات خان يراهما شوقا وحبا."

مرة كان السيد تاج الدين في حالة الاستغراق إذا دعا حيات خان مهاراجه رغوراو و جعل يقول له : إنظر إلى هذه الورقة" ألقى مهاراجه نظره إلى الورق و رأى أنه يظهر منه الوجه والأرجل و الأعين. كان الورق يساوي 3 بوصه تقريبا. ولما نظرت إلى الورق الثاني الذي كان بجنبه كان نفس النشاط يجري هناك أيضا و بعد برهة جعل يمشى الواحد خلف الآخر  و بعد ساعة لم يبق فيهما أي علامة للورق و هما يصلان إلى جذعة الشجرة. لما سألت الجد عن التأويل العلمي تجاه ذلك الأمر قال:

"إن الشجرة تمتلك جميع عناصر الحياة و أجزائها من البصارة و السمع والفهم والإدراك و الحركة و له وجه و يد كأيدينا و وجوهنا ولكن الفرق أن عامة الناس لا يمكن لهم رؤية الورق في هذه الحالة إلا أن الورق يربط بحياة أخرى و إذا يربط ورق مع حياتي تصبح حية تتحرك و تمشي و اففهم أن المعانقة يمكن بالبصارة أيضا كما أن الحياة تنشأ من الحياة و تنجذب فيها."

قال تاج الدين بابا:

"إذا يربط ورق بحياتي تصبح حية تتحرك" إنما هي صيغة الاستنساخ و قال ذلك بابا طبق مشاهدة القنلندر بابا أولياء في 1916 م. ولكن العلم الطبيعي قد اكتشف الاستنساخ في 1993م بعد 81 سنة.

طبقا لدراسة العلم الطبيعي أن العلم ينقسم إلى ثلاثة:

1.      (الفيزياء) (Physics)

2.      علم النفس  (Pcychology)

3.      علم ما بعد النفسيات (خوارق اللاشعور) (Parapsychology)       

الفيزيا أو الطبيعيات هو المادة و النفس هو الشعور و ما بعد النفس هو اللاشعور  و قد اعتقد العلم الطبيعي أن العنصر وإن كان صغيرا يكون مغلفا بالأنوار و يقال ذلك الانعكاس في مصطلح العلم الطبيعي “Aura”.      

علم الإحياء

و يكون غلاف النور على كل شيء سواء كان ذلك الغلاف مركبا أو مفردا. و معنى الموت أن الغلاف النوري (الجسم المثالي) قد انقطع من الوجود المادي. و يغلب وجود على كل وجود و يتغذى الجسم الغالب  من خلال الأشعة الكونية.

و قد جهل العلماء عن مصادر الأشعة الكونية و من أين تظهر هي ثم تغذي الجسم المثالي و ما هو الجسم المثالي و يمكن للجسم المثالي أن يغلب على الجثة الهامدة بإذن الله تعالى فتحي الجثة و يعود المرء إلى حالته الماضية و هذا هو العلم الذي علمه الله عيسى عليه السلام.     

ولو يصنع شيء من أربعة عناصر فمعنى ذلك أن أساسا قد وجد للجسم المثالي. و على سبيل المثال إذا تم صناعة الطير و الخفاش من التراب فيوجد الجسم المادي الخالي من الجسم المثالي (و يشمل ذلك الجسم الميت الخالي من الروح) ثم يغلف الجميع غلاف النور (الجسم المثالي) يحيى الجميع. وكان عيسى يفعل كذلك بإذن الله تعالى و يظهر قدرة الله الكاملة.

كان علم الله تعالى عيسى علم الإحياء  فكان يصنع من التراب طيورا ثم يغلفها غلاف الجسم المثالي فتجري فيها الحياة  و كذلك إذا يغلف الجسم الميت الخالي من الأضواء غلاف النور فيحيى الميت.

قال الله تعالى في القرآن نحو عيسى عليه السلام و معجزاته:

ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ﴿٤٨ ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم ۖ أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللـه ۖ وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللـه ۖ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ۚ إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ﴿٤٩ ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ۚ وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا اللـه وأطيعون ﴿٥٠ إن اللـه ربي وربكم فاعبدوه ۗ هذا صراط مستقيم ﴿48-51 سورة آل عمران ﴾ 

أربع شلالات

إن خبراء الأمور التكوينية ذهبوا إلى أن هناك وجودين لكل مخلوق في العالم:

1.      وجود الجسم

2.      وجود الأضواء والأنوار

إن الأضواء تجري في الموجات المركبة التي تكون كسدادة الثوب و هذه هي الأضواء التي تنشأ الحركة في جميع أعضاء البدن ، كما أن هذه الأنوار هي التي وسيلة الحياة للأجرام المادية فإن لم تجري الأضواء في الأعضاء المادية يقع الموت و لإبقاء النور والضوء  تكون أربعة شلالات نورية تنزل من حجاب الحمد و حجاب العظمة و حجاب الكبرياء و العرش دائما.

قال الله تعالى:

كيف تكفرون باللـه وكنتم أمواتا فأحياكم ۖ ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ﴿سورة البقرة:٢٨

وقال تعالى:

يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ﴿سورة الأنعام: ٩5 

و كل وجود يتكون من الجهتين الذكر والأنثى. و طبقا لقانون التخليق أن كل جهة لها جهتان و لكل منهما جهتان مختلفتان و تكون فيهما الخلايا و عن طريق الخلايا ينشأ الجنس و مشاعر الميول الجنسية و عندما تتلاقى الخلايا الجنسية للرجل مع الخلايا  الجنسية للمرأة و يرتبط البعض بالبعض يأتي التخليق إلى حيز الوجود.

ولما ذكر الله تعالى معجزات لعيسى عليه السلام في كتابه المقدس كأنه قد ذكر صيغ التخليق ، فإن حياة الإنسان تابعة للروح و إن ابن آدم يبقى حيا مادام الروح يبقى فيه و إن فقد الروح يفنى وجوده أيضا. و حينما نفخ الروح في آدم تحركت الحواس.

قال تعالى:

ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ﴿سورة المؤمنون: ١٢

وقال تعالى:

الذي أحسن كل شيء خلقه ۖ وبدأ خلق الإنسان من طين ﴿٧﴾ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ﴿٨ ثم سواه ونفخ فيه من روحه ۖ وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ۚ قليلا ما تشكرون ﴿سورة السجدة :  7- ٩

وقال تعالى:

فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا ۚ إنا خلقناهم من طين لازب ﴿سورة الصافات: ١١

وقال تعالى:

إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ﴿٧١ فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴿سورة ص: 71 - ٧٢ 

وقال تعالى:

خلق الإنسان من صلصال كالفخار ﴿سورة الرحمن: ١٤

وقال تعالى:

إن مثل عيسى عند اللـه كمثل آدم ۖ خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ﴿سورة آل عمران: ٥٩

وقال تعالى:

وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا ﴿سورة بنى إسرائيل : ٦١ 

وقال تعالى:

قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ﴿سورة كهف: ٣٧ 

وقال تعالى:

 يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ۚ ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ۖ ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ۚ وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ﴿سورة الحج:٥

و قال تعالى:

الذي أحسن كل شيء خلقه ۖ وبدأ خلق الإنسان من طين ﴿سورة سجدة: ٧

وقال تعالى:

واللـه خلقكم من تراب ثم من نطفة ﴿سورة فاطر: ١١

و قال تعالى:

هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ﴿سورة غافر: ٦٧ 

وقال تعالى:

ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون﴿سورة الحجر: ٢٦ 

وقال تعالى:

وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون﴿ سورة الحجر: ٢٨ 

(قال إبليس) قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون ﴿ سورة الحجر :٣٣

وقال تعالى:

وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ۗ (سورة الفرقان: 54) 

اللحم على العظام

قال تعالى:

 ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ﴿١٣ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر ۚفتبارك اللـه أحسن الخالقين ﴿سورة المؤمنون: 14﴾

قال تعالى:

واللـه خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا ۚ  ﴿سورة فاطر: ١١

قال تعالى:

هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ۚ ومنكم من يتوفى من قبل ۖ ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون﴿سورة غافر: ٦٧ 

قال تعالى:

إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا﴿سورة الدهر: ٢

قال تعالى:

قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ۖ قليلا ما تشكرون ﴿سورة ملك: ٢٣ 

أمر ربي

قال تعالى:

ويسألونك عن الروح ۖ قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴿سورة بنى إسرائيل: ٨٥

الأمر الواضح

"وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" والمراد من العلم القليل هو علم الروح الذي ليس له حد ولا نهاية ، فإنه لم يعط الإنسان من علمه الروحي إلا قليلا ولكن العلم القليل الذي شرف الله تعالى به الإنسان ليس بقليل بذاته بل هو كثير و إنما هو قليل بالنسبة إلى علم الله تعالى.

"الروح من أمر ربي" وذلك الأمر أن الله إذا أراد شيأ يقول له "كن"  "فيكون". و كذلك لم يكن الإنسان جديرا بالذكر ولكن لما نفخ فيه من روحه أصبح إنسانا حمل أمانة الله تعالى في الأرض.

كما قال تعالى:

هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ﴿سورة الدهر: ١

و يقول الله تعالى نفس ذلك لعيسى عليه السلام إنك إذا تصنع صورة لحيوان بإذني أي بحكمي و بما أرضى به من الطرق و بعلوم وهبتك ثم تنفخ فيه فيكون ذلك حيوانا من الطير أو غيره يعنى إذا كان عيسى عليه السلام يصنع الجسم المادي من العناصر و الماء و ينفخ فيه فيطير الطير و يصير الأعمى بصيرا. 

Topics


محمد رسول الله الجزء الثالث

خواجۃ شمس الدين عظيمي

لقد صدق من قال من كبار الناس إن كل إنسان لابد أن يكون له هدف لحياته و إلا لايعد من الإنسان مع كونه من ذرية آدم. و مما يجدر بالذكر أن الله عرف آدم بآدم نفسه و  دعاه بكلمة آدم إلى أن شرفه بعلوم صفاته و أسرار الكون فقال للملائكة بأن يخضعوا لحكمه. وإذا يذكر الله تعالى التخليق في القراآن يأتي بأنواع من الأمثلة لتوضيح نظام التخليق كما أنه يقول عن خلق الإنسان:

"ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (سورة التين )