Topics
و قد حسن حظ من سعد بالثلث الأخير من الليل و
يقوم بتقديم العبادات و المناجاة مع الله تعالى و يذكره ذكرا كثيرا فيعطي الله
تعالى مثل هؤلاء العباد أجرا عظيما و يكرمهم في جنات النعيم. كما يشهد بذك الآيات
الكريمة من القرآن الكريم:
قال الله تعالى:
تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿١٦﴾ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا
أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴿١٧﴾
(سورة السجدة :16-17)
وبعد أن تقررت الخطة كان الشيخان يجلسان في
زواية من زوايا البيت في الساعة الثالثة كل ليلة و كان القلنرر بابا أولياء يملى
المواد الروحانية و الاسرار الكونية علي خواجه صاحب و لو كان هناك أمر يجتاج إلى
شرح كان القلندر بابا رحمه الله يشرحه ، و ربما كان يرسم خرائط للملأ الأعلى و
يوضح مقام العرش و الكرسي و غير ذلك و التأثرات التي تنزل على الأرض هكذا كان هذا العمل المبارك يجري كل ليلة
لساعتين.
مرة أخبرني خواجه صاحب بأنه إذا لم يستطع أن
يستيقظ على وقت معين في الليلة كان القلندر بابا أولياء رحمه الله يوقظه و إذا
يغلبه النوم أثناء الإملاء فكان بابا جي رحمه الله ينبهه. و رغم كان الجو حارا أو
باردا لم يؤثر على هذا العمل الجليل و كان خواجه صاحب إذا يذكر هذه اللحظات
الأنيقة يغمره موجة الفرح والسرور و يقول إن هذه المدة المديدة ولوكانت امتدت إلى
سنتين تبدو كأنها جلسة واحدة انتهت في لحظة طرفة العين.
وكان خواجه صاحب يفخر حقا على هذه السعادة
الكبرى لأنه قام بنفسه بكتابة كلمة بعد أخرى لكتاب "لوح و قلم". و لم
يقتصر الأمر في الإملاء فقط بل كان القلندر بابا أولياء رحمه الله يقوم بشرح ما يكون معقدا من الأمور المخفية من
الكون و كان يرسم خرائط للملأ الأعلى و التجليات الربانية و مواضع أنوارها لشرح
نقطة يأتي بها القلندر بابا أولياء كما كان يوضح تأثيرات أنوار الملأ الأعلى على
الخلائق الأرضية. هكذا ارتسمت خرائط اللوح المحفوظ و المقامات السماوية على لوح
ذهنه و هذه هي النعمة الخاصة التي خص بها
خواجه صاحب، لذلك لا يمكن له أن يؤدي حق التشكر والامتنان بهذه النعمة الجليلة.
ولما تم عمل الكتابة و التصحيح لكتاب لوح وقلم
لم يمكن بدء عمل النشر و الطباعة لأجل قلة المال لذلك تقرر أن تتوقف الطباعة لأيام
و تعد نسخ لها على آلة الكتابة و ترسل إلى بضعة من المتوسلين و المعتقدين و
المحبين لكي لم يبق خوف ضياع الكتاب
الوقيع القيم و لكي يزداد عدد من يقوم بمطالعته و يستفيد منه كنسخة أصلية مستندة
وقت الضرورة.
هكذا سعدنا بكتاب على موضوع العلوم الماورائية
و أسرار الكون ألفه حضرة القلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى و كما قال القلندر
بابا أولياء رحمه الله إنه هو الكتاب الأول الذي يحيط جميع أنحاء العلوم
الماورائية و الروحانية التي لايمكن للذهن الإنساني العام أن يصل إليها بسهولة لكن
حضرة القلندر رحمه الله اختار أسلوبا أنيقا قد جمع جميعها و قدم طرازا لا يُمِلُّ القاري من المطالعة
ولايتوقف على مكان (و لكن فهم ما ذكرفي الكتاب و الاستفادة منه حق الاستفادة مبني
على التشييد الرباني و الاسترشاد من مرشد روحاني) حتى أنه يمكن لنا أن نسميه بتحفة
رائعة للنثر للسهل الممتنع.
وما
يجدر بالذكر أن اللغة التي استخدمت لتعبير المعاني هي اللغة الحلوة التي يفهمها
عامة الناس بدون صعب و مشكلة و لا يحتاج إلى شيء لفهم ما يشتمل عليه ولكن المعاني
للأسرا ر و الرموز للكون لا يمكن لأحد أن يدركها إلا أن يتأيد به رب العالمين و
يبطش بيده أحد من المقربين إلى رب العالمين من المرشدين و الصلحاء و الأصفياء
الذين تملأ صدورهم علما و ضياء ونورا.
كما أنه من الواضح أن هذا التأليف المهم ليس
بتأليف عام بل و إنه قد أتى إلى حيز الوجود بعد أن بذل الولي الكامل القلندر
العظيم قوته الروحانية و العلوم الماورائية و سعى له سعيا حثيثا حتى وصل إلى
المرام فإن الله تعالى قد وعد لمن يجاهد في سبيله الفوز والفلاح:
قال تعالى:
والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا (سورة
العنكبوت: 69)
و أفاد القلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى
حول كتاب لوح و قلم بأن من يطالع هذا الكتاب بصميم قلبه مخلصا في أن يعرف الرب
الكريم و ما خلقه من الكون و أسراره فيفتح عليه الله تعالى أبواب الفرج و يغنيه من
غيره كما تسعد روحه بالكشف والشهود.
و قد صدق من قال:
يا من لا يعرف لذة خمرنا الدائم
قد شاهدنا صورة حبيبنا في كوبنا
الإعداد: الشيخ فقير محمد
ذكر حضرة القلندربابا أولياء رحمه الله
خواجۃ شمس الدين عظيمي
"أهدي
هذا الكتاب إلى الجيل الجديد الذي سوف يستخدم "نسبة الفيض" لحضرة السيد قلندر
بابا أولياء رحمه الله تعالى و يسعد بالعافية والطمأنينة ويقوم بإبادة ظلال الخوف و
الدهشة التي تتحلق عليه، ثم يدخل الجنة بعد أن يسعد بالحصول على شرفه الأزلي"