Topics
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
سيد المرسلين وعلى آله و صحبه أجمعين.
أما بعد!
"ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم
يحزنون"
خلق الباري تعالى الإنسان ثم بعثه إلى الأرض
لكي يكثر بنو آدم و ينتشروا في الأرض و منذ ذلك سلسلة خلق الإنسان تستمر طبق ما
يرضى الله تعالى به.
لقد كثرت ضرورات الإنسان و حاجياته عندما كثرت
الطبقات و العمران. كما حدثت القرون بمضي السنوات و الشهور ، و نزلت الصحف و الكتب
السماوية على الأنبياء عليهم السلام لهداية الناس. ولما انتشرت هذه القبائل إلى حد
كثير نزلت الكتب السماوية من التوراة والزبور والإنجيل كما نزل أخيرا القرآن
الكريم و تمت سلسلة هداية الإنسان.
يُرْوَى أن حوالي مأة و أربعة و عشرين ألف نبي
قد بعثو إلى العالم لهداية الناس في الأرض. و قد كتب كثيرا حول النبي الآخر سيد
الكونين والهادي المبين وبعثته و خدمته و قيامه بإتمام البشرية ولكن أهل الوجد
والمعرفة والسلوك والروحانية يقولون:
إنما ذكر اسمه المبارك الآن هو من سوء الأدب و
عدم الاحترام.
ما هذا؟
هذا مكان الأدب و العجز و الإعراب عن الانكسار
و الإقرار عن العبودية و عدم القدرة عليها ، و هي عواطف الحب العميق في قلوبهم ، و
ليس من السهل المرور بهذا الطريق كما أنه واد مخضر لليقين والإيمان ، وهذا هو
المرشد الكريم الذي يرشد المسترشد إلى شعب العشق الصعبة و يُسعِدُه بزيارة النبي
الحبيب صلى الله عليه وسلم. و كيف يمتنع المسترشد الذي يقدم كأس حبه العميق إليه
ثم لا يبرح عن مكانه حتى يأخذ حظا من نصيبه ولا يلفظ نفسه حتى يستفيض و يضحى كل
أمانيه على مرشده الكريم و يجعل كل خطوة له طبق خطوة المرشد و يتقيقن به كامل
اليقين.
علم وحدة الله تعالى ومعرفته والقيام برؤيته
يبدو سهلا فيما يبدو في النظر ولكن إيلاج
الإبل في سم الخياط يمكن أن يكون سهلا في عالم العلم والحصول ولكن المرور بشعب
الألوهية مع حفظ الإيمان و سلامته صعب جدا.إن إنسانا إذا يمر بغابة غنَّاءٍ يحدق
عليه الخوف كذلك إذا يجري سفره في محيط
التصوف والسلوك فيرشده المرشد الكريم و يقوم بدور الأب مع الابن و يراقب أحواله
فيصبح المسترشد كالطفل الذي يسترضع من ثديي أمه و يستغذي منها مع أنه يحصل على
التربية الصالحة و يأخذ منها الشعور و العقل ولكن لا يشعر بذلك كله حتى يبلغ سن
الرشد كذلك أن المسترشد إذا يأتي تحت رعاية المرشد يتزين بجميع ما يحتاج إليه في
ميدان التصوف والسلوك من غير أن يشعر به.
إن الله تعالى واحد، أحد ، صمد و هو لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفو أحد. و قد قامت جميع الديانات في العالم بنشر هذه
العقيقدة الإلاهية بأنه واحد أحد صمد ليس له شريك في الاسم و الصفة. والحقيقة أنها
لم توجد أية ديانة أنكرت من وحدة الله تعالى. وبالإضافة إلى ذلك أن أهل التصوف
قاموا بخدمات جليلة في نشر هذه العقيدة و اختاروا طرقا مختلفة في هذا الصدد كما أن
توحيد الرب تعالى مبني على شييئين من الشريعة والطريقة أي الحقيقة والمعرفة. قال
النبي صلى الله عليه وسلم:
"من عرف نفسه فقد عرف ربه"[1]
وليس الهدف في معرفة النفس معرفة الشهوات والرغبات أو البدن والجسم أو الوالدين
والأقارب كما لا يعنى هذا العلم معرفة
البيت والبلاد أو معرفة أي علم من علوم الدنيا بل المقصد الوحيد من عرفان النفس أن
يتفكر المرأ في أن الله تعالى لماذا خلقه و ما هي العقول والعلوم التي تودع فيه
أهو خلقه لنفسه وحيدا فإن عبدا لما عرف الاسباب والعلل التي قد خلقت لأجلها و وجد
حقيقة نفسه فكأنه قد عرف نفسه و إذا يتم ذلك الأمر يوفق له رؤية الباري تعالى فإن
اليقين إذا يصل إلى عين اليقين أو حق اليقين فيصبح المريد مرادا و من الأهم أن
الجزء إذا وجد غاية الكل فلم يبق الجزء جزء فإنه قد وصل إلى مقام يكون إخفائه أحسن
من إظهاره.
قال الله تعالى عن وحدة الآلهة:
وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ
الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ ﴿سور
ةالبقرة :١٦٣﴾
اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ
الْقَيُّومُ ﴿ سور
ةالبقرة ٢﴾
قال جنيد البغدادي رحمه الله إن علم التوحيد
مختلف عن وجوده و وجوده مختلف عن علمه يعنى أن ذات الله الواحدة المطلقة لا يمكن
للعلم أن يحيطها لوسعتها و عظمتها.
قال أبوبكر الواسطي إن ذات الله تعالى هي ما
وراء إدراك العباد. ولا يمكن لهم أن يصلوا إلى حقيقته.
تفيد الآيات الكريمة و الأقوال المذكورة أعلاه
أن مسئلة التوحيد ليست بأسهل كما يظنها الناس. و كما أن الكوب إذا لايسعه
الفنجان والبركة لا يسعها القدر و البحر لا تسعه البركة والبحار
العديدة لايسعها البحر الواحد فكيف يسع العقل و الفهم والشعور والوعي والإدراك
والوجدان للعبد ذات الله سبحانه تعالى
التي ندعوها باسم الله تعالى و هي من الأزل و ستكون إلى الأبد, لا زوال لها و لا
فنا.
و من الحقيقة أن الصحابة رضي الله عنهم و
التابعين و تبع تابعيهم و الأولياء الكرام من الاويس القرني و الشيخ عبد القادر
الجيلاني و على الهجويري المعروف بداتا غنج بخش و بابا فريد غنج شكر و نظام الدين
أولياء محبوب إلهي و خواجه معين الدين جشتي اجميري و علاؤالدين صابر كليري و بوعلي
شاه قلندر و الشيخ احمد السرهندي الفاروقي المجدد للألف الثاني و عبد الرحمن
الجامي المعروف بملنغ بابا و الشاه عبد اللطيف البهتائي و سجل سرمست ولعل شهباز
قلندر و أولياء الله الكرام الآخرين رحمهم الله
كانوا منارة للهداية والرشد للخلق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. و قد
استضاء الناس بخدماتهم الدولية و الدينية والاجتماعية و الروحانية في جنوب آسيا كما كانت خدماتهم لاتشوب بقيود الديانات و اللون و الزمان
والمكان و أضف إلى ذلك أن الناس من مختلف
الديانات و الأفكار كانوا يحضرونهم و يطلبون الحل لمشكلاتهم و لا يبرحون من عتبة
أبوابهم إلا أن يحصلوا على الفوز و الفلاح في هدفهم. و رغم أنهم ماتوا قبل مأت من
السنين أن ضرائحهم تشهد بأنهم لما يدفنوا الآن وكأنهم أحياء.
إن القدرة الإلهية تشعل شمعة من شمعة أخرى
لإيصال معرفتها إلى كافة الناس. و ما هو القطب والأبدال والمجذوب و غيرهم فإنهم
أيدى الله تعالى الروحانية ، وهم يأخذون الشمعة الروحانية بأيديهم يستضيئون بها و
يضئيؤن الآخرين أيضا و من يستضيئ بهم استضاء كاملا تمتد علاقته بسيد الأولياء
الصحابي الرسول على كرم الله وجهه رضي الله عنه و هكذا لا يبق بينه و بين النبي
الكريم فصل و بعد و يسترشد منه مباشرة.
و ليس التأريخ مليئا فقط بقصص عديدة بل قلوب
الناس و أذهانهم تحفظها في ذاكرتها تشهد بأن المرضى استشفوا بدعائهم و القلوب
الميتة اهتدت برشدهم و الجائعين شبعوا
بكرمهم و المساكين والفقراء أكرموا بالغناء و المال و اليائسين من الأولاد ضاء فيهم الرجاء.
و قد ذكر في القرآن الكريم أنها لا تتغير سنة
الله تعالى و لا تتوقف.
ولن تجد لسنة الله تبديلا.
بما أن سلسلة النبوة قد انتهت على الرسول
الآخر والنبي الخاتم سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم و لذا لإجراء الفيوض
النبوية قد قامت سلسلة الأولياء من العلماء الصالحين الذين ورثهم الأنبياء كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما و إنما ورثوا
العلم فمن أخذ أخذ بحظ وافر. وقال تعالى:
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
(سورة يونس 62)
إن أبدال الحق قلندر بابا أولياء هو من أشرق
النجوم للهداية واليقين قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:
"أترك فيكم بعدي الكتاب و أولادي" [2]
قد جمعت في هذا الكتاب اقتباسات من كتاب
"لوح و قلم" الذي هو مجموع من
الأسرار و الرموز للكون كما أن "رباعيات قلندر بابا أولياء" بالإضافة
إلى كراماته و ملفوظاته و أقواله القيمة التي هي من كنوز المعرفة والسلوك قد حصلت
على مكان وافر في الكتاب لكي يستفيد منها عامة الناس من جميع طبقات الفرد و
المجتمع البشري.
إن أقوال من كان قلوبهم صافية ذكية أيضا
كمثلهم و صحبتهم أفضل من عبادة خالصة لله تعالى لمأة سنة و حينما ينتقل مثل هؤلاء
الناس إلى عالم القدس يصبح ذكرهم أفضل من عبادة لألف سنة لأن ذكرهم يؤدي إلى
التقرب إلى الله تعالى فيصبغ كل جزء له بصبغة قربه.
قال الله تعالى:
وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن
قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ
اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴿١٦٤﴾ رُّسُلًا
مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ
بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ
اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿سورة
النساء : ١٦٥﴾
إن الله تعال دائما يخلق عبادا له يدعون الناس
إليه و يهدونهم إلى الصراط المستقيم و يشرحون لهم حقيقة الدنيا و عدم ثباتها كما
أنهم يلقونهم للتعلق بالله تعالى و التقرب إليه.
و هنا هيا نتجاذب أطراف الحديث حول الحبيب..!!
و ذلك لأنه من مقتضيات الصداقة و
المحبيةالإنسانية أن ننشر موجات أصوات العارف بالله صافي القلب ، زكي النفس ، خادم
الإنسانية ، الرحيم بخلق الله تعالى سيدنا
قلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى على صفحات هذا الكتاب الموسوم
ب"تذكرة قلندر بابا أولياء" حتى تظهر صورة مثالية.
و الجدير بالذكر أن كل ما قد طبع في المجلة
الروحانية حول حياة و أقوال الشيخ قلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى، يقدم الآن
إليكم في صورة الكتاب لأن كل حرف نطق به قلندر بابا لؤلؤ نادر
و مشعل للهداية.
إن إدارة المجلة الروحانية أقامت لجنة لترتيب
و تأليف و تدوين كتاب "تذكرة قلندر بابا أولياء" برئاسة ابنها الروحاني
محمد يونس العظيمي و يسرني جداً أنه قد قام بدور هام في هذا الصصدد و أتم العمل
بطريقة جيدة. و هذا هو الكتاب الأول قد طبع حول أحوال حياة القلندر بابا أولياء
رحمه الله.
وفقنا الله إياكم بأن نقوم بنشر رسالة و مهمة
بابا صاحب في العالم كله لكي تعستعيد الإنسانية مكانتها العظيمة و شرفها الازلي
المفقود و تعيش أمنة مطمئنة.
المحتاج إلى الدعا
خواجة شمس الدين العظيمي
27 أكتوبر 1982 م
ذكر حضرة القلندربابا أولياء رحمه الله
خواجۃ شمس الدين عظيمي
"أهدي
هذا الكتاب إلى الجيل الجديد الذي سوف يستخدم "نسبة الفيض" لحضرة السيد قلندر
بابا أولياء رحمه الله تعالى و يسعد بالعافية والطمأنينة ويقوم بإبادة ظلال الخوف و
الدهشة التي تتحلق عليه، ثم يدخل الجنة بعد أن يسعد بالحصول على شرفه الأزلي"